في 1 أبريل/نيسان، أعلنت الأمم المتحدة أنها توسطت في اتفاق هدنة لشهرين بين جماعة الحوثيين المسلحة والتحالف بقيادة السعودية والإمارات. رغم تجديد الهدنة لشهرين إضافيين في 2 يونيو/حزيران و2 أغسطس/آب، تقاعست أطراف النزاع في 2 أكتوبر/تشرين الأول عن تجديد وقف إطلاق النار المؤقت. أثناء سريان الهدنة، استمرت الانتهاكات والتجاوزات في اليمن، بما فيها الهجمات غير القانونية التي قتلت مدنيين؛ والقيود على حرية التنقل ووصول المساعدات الإنسانية من وإلى تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن؛ والاعتقال التعسفي؛ والتهجير الداخلي القسري.
بعد أكثر من سبع سنوات، أدى النزاع الذي طال أمده في اليمن إلى إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 20 مليون يمني إلى المساعدة ويعانون من نقص الغذاء والرعاية الصحية والبنية التحتية. شمل النزاع هجمات غير قانونية ضد أعيان مدنية مثل المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والجسور، والتي نُفذت بشكل متعمد وعشوائي. هجّر القتال أكثر من 4 ملايين شخص من منازلهم. عمليا، لم تكن هناك أي مساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع. تفاقم انعدام الأمن الغذائي، المتصاعد أصلا، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
الهجمات غير المشروعة
في أواخر يناير/كانون الثاني 2022، شن التحالف بقيادة السعودية والإمارات ثلاث هجمات في صنعاء والحديدة وصعدة في انتهاك لقوانين الحرب على ما يبدو، أدت إلى مقتل نحو 80 مدنيا، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 156 بينهم طفلان. جاءت هجمات التحالف انتقاما واضحا لهجمات الحوثيين على الإمارات في 17 يناير/كانون الثاني.
في 17 يناير/كانون الثاني، دمرت غارات التحالف مبنيين سكنيين وقتلت القيادي الحوثي العميد عبد الله الجنيد وتسعة أشخاص آخرين، بينهم امرأتان، قال أحد الناجين وشاهدين آخرين إنهم مدنيون. أصيب أيضا تسعة مدنيين آخرين، بينهم ثلاث نساء.
في 20 يناير/كانون الثاني، أصابت غارة جوية للتحالف مبنى اتصالات في الحُديدة ودمرته، في هجوم غير متناسب على ما يبدو استهدف البنية التحتية الحيوية. أفادت منصات مراقبة الإنترنت أنه من حوالي الساعة 1 صباح 21 يناير/كانون الثاني حتى 25 يناير/كانون الثاني، كان هناك انقطاع شبه كامل للإنترنت في اليمن. وفقا لأقارب الضحايا، قتل الهجوم خمسة مدنيين كانوا قريبين، بينهم ثلاثة أطفال، وأصاب 20 آخرين، بينهم طفلان.
في 21 يناير/كانون الثاني، استهدفت غارات جوية للتحالف مركز احتجاز يسيطر عليه الحوثيون في محافظة صعدة. تضمنت صورة لبقايا إحدى الذخائر المستخدمة في الهجوم علامات تشير إلى أنها مجموعة صواريخ موجهة بالليزر صنعتها الشركة الأمريكية "رايثيون". أفاد التحالف بقيادة السعودية والإمارات أن الهجوم استهدف منشأة عسكرية. لكن "مواطنة لحقوق الإنسان" و "هيومن رايتس ووتش" لم تجدا أي دليل يدعم هذا الادعاء. كما أطلقت قوات الحوثيين التي كانت تحرس المنشأة النار على محتجزين حاولوا الفرار، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.
في 23 يوليو/تموز، ورغم الهدنة، قصف الحوثيون على ما يبدو حيا سكنيا في تعز، ما أسفر عن مقتل طفل وإصابة 11 آخرين كانوا يلعبون في ذلك الوقت. ندد المبعوث الأممي الخاص بالهجوم.
الأطفال والنزاع المسلح
يؤثر النزاع المسلح الذي طال أمده في اليمن والأزمة الإنسانية بشدة على الأطفال: يحتاج 13 مليون طفل في اليمن إلى مساعدات إنسانية، ويوجد 2 مليون نازح داخليا، وقُتل أو شوه أكثر من 10,200 طفل، بحسب "اليونيسف". أدى الدمار الذي لحق بالمدارس والمستشفيات بسبب القتال إلى تعطيل خدمات التعليم والصحة للأطفال. تسمح قوانين اليمن صراحة بالعقاب البدني للأطفال في المنزل.
ارتكب الحوثيون والتحالف بقيادة السعودية والإمارات انتهاكات جسيمة بحق الأطفال طوال الحرب. دمرت الهجمات العشوائية المدارس والمستشفيات وقتلت وجرحت آلاف الأطفال. جنّد الحوثيون آلاف الأطفال كجنود، كما نشرت القوات اليمنية الموالية للحكومة الأطفال في القتال.
في الأسبوع الأخير من يوليو/تموز، قُتل أو جرح 38 طفلا على يد أطراف النزاع، وهو أكبر عدد من الإصابات بين الأطفال في أسبوع واحد منذ أوائل 2020، وفقا لمنظمة "إنقاذ الطفل".
في أبريل/نيسان، وقع الحوثيون خطة عمل مع "الأمم المتحدة" لتعزيز حماية الأطفال، وتعهدوا بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، وقتل وتشويه الأطفال، والهجمات على المدارس والمستشفيات.
الألغام الأرضية
رغم اتفاق الهدنة، ارتفع عدد الضحايا نتيجة الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة. في يوليو/تموز، قال المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إن الضحايا المدنيين من الألغام الأرضية ارتفع بسبب "تنقلهم عبر مناطق كان يتعذّر الوصول اليها من قبل نتيجة للقتال السائد قبل الهدنة".
وجدت منظمة إنقاذ الطفل أن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة كانت القاتل الأول للأطفال منذ بدء اتفاقية الهدنة. قُتل وجُرح أكثر من 42 طفلا على ما يبدو بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة بين أبريل/نيسان ونهاية يونيو/حزيران.
من منتصف 2019 إلى أوائل أغسطس/آب 2022، وثّق "المرصد اليمني للألغام" سقوط 426 قتيلا مدنيا نتيجة الألغام، والعبوات الناسفة، والقذائف غير المنفجرة. استخدمت قوات الحوثيين الألغام الأرضية المضادة للأفراد في انتهاك لـ"معاهدة حظر الألغام لعام 1997"، واليمن طرف فيها، واستخدم التحالف بقيادة السعودية ذخائر عنقودية محظورة دوليا.
الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري
قامت جميع أطراف النزاع، بمن فيها قوات الحوثيين، والحكومة اليمنية، والإمارات، والسعودية، وعدة جماعات مسلحة يمنية تدعمها الإمارات والسعودية، باعتقالات تعسفية، وإختفاءات قسرية، وتعذيب، وإساءة معاملة لأشخاص في جميع أنحاء اليمن. احتُجز مئات اليمنيين في مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية في جميع أنحاء البلاد.
في 6 أغسطس/آب، اعتقلت قوات أمن تابعة فيما يبدو لـ "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وهي منظمة انفصالية في جنوب اليمن، الصحفي اليمني أحمد ماهر من منزله في مدينة عدن الساحلية الجنوبية، بحسب "لجنة حماية الصحفيين". في 4 سبتمبر/أيلول، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي مقطع فيديو لماهر تظهر عليه آثار تعذيب وسوء معاملة محتملين، اعترف خلاله بارتكاب اغتيالات وجرائم خطيرة أخرى.
أفادت "منظمة العفو الدولية" أن الصحفي المعتقل توفيق المنصوري حُرم من الرعاية الطبية الطارئة أثناء احتجازه. احتجز الحوثيون المنصوري في 2015 وواصلوا رفض طلباته للنقل إلى المستشفى منذ 2020.
منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية
يفرض الحوثيون والحكومة اليمنية قيودا ولوائح غير ضرورية على المنظمات الإنسانية ومشاريع الإغاثة، ما يؤدي إلى تأخيرات طويلة.
في 16 مايو/أيار، أقلعت أول رحلة تجارية منذ ست سنوات من صنعاء، في إطار الهدنة المدعومة من الأمم المتحدة والتي تضمنت اتفاقا على إعادة فتح "مطار صنعاء الدولي" أمام الرحلات التجارية. بحلول منتصف أغسطس/آب، سافر أكثر من 15 ألف مسافر من وإلى صنعاء في 31 رحلة ذهاب وعودة.
رغم جهود الأمم المتحدة، حصل تقدم ضئيل في فتح الطرق في وحول تعز، ثالث أكبر مدن اليمن. واصلت قوات الحوثيين إغلاق الطرق الحيوية، منتهكة بذلك حرية التنقل، وساهمت بشكل أكبر في الأزمة الإنسانية الخطيرة بالفعل في تعز. أُغلقت الطرق الرئيسية داخل وخارج مدينة تعز منذ 2015 من قبل قوات الحوثيين، ما يقيد بشدة حرية تنقل المدنيين ويعيق تدفق السلع الأساسية، والأدوية، ووصول سكان المدينة إلى المساعدات الإنسانية.
تضمنت الهدنة التي بدأت في 2 أبريل/نيسان واستمرت لشهرين، بندا للمبعوث الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، بـ "دعوة الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز والمحافظات الأخرى لتسهيل حركة المدنيين من الرجال، والنساء، والأطفال". في 3 يوليو/تموز، شارك "مكتب المبعوث الخاص" خططا لإعادة فتح الطرق على مراحل في تعز للمساعدة في تخفيف معاناة المدنيين. لكن سلطات الحوثيين رفضت الاقتراح، ما أثار انتقادات نادرة من جانب "بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن"، التي قالت إن "الاتحاد الأوروبي يأسف بشدة لرفض الحوثيين الاقتراح الأخير".
في 26 يوليو/تموز، خرج مئات اليمنيين إلى شوارع تعز للاحتجاج على رفض سلطات الحوثيين فتح الطرق الرئيسية.
البيئة وحقوق الإنسان
في 13 يونيو/حزيران، أعلنت الأمم المتحدة عدم إمكانية بدء عمليات إنقاذ ناقلة النفط "صافر"، وهي ناقلة نفط عملاقة راسية قبالة ساحل الحديدة، بسبب نقص التمويل، وأطلقت حملة تمويل جماعي بقيمة 20 مليون دولار لسد فجوة التمويل. ناقلة النفط صافر عالقة دون صيانة قبالة الساحل اليمني منذ 2015 وتحمل حوالي 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف. قد تنفجر الناقلة صافر في أي وقت، ما يهدد بكارثة بيئية وإنسانية وفقا للأمم المتحدة.
وقّعت سلطات الحوثيين، التي تسيطر على الحُديدة، مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 مارس/آذار للموافقة على تسهيل خطة من مرحلتين تنسقها الأمم المتحدة لمنع انفجار صافر أو تفككها. في 21 سبتمبر/أيلول، أعلنت الأمم المتحدة أنها جمعت أموالا كافية لبدء عملية مدتها أربعة أشهر لنقل النفط من صافر إلى سفينة آمنة. بعد هذه الخطوة الأولى، ستشمل مرحلة ثانية تركيب سفينة بديلة في غضون 18 شهرا. تحتاج كلتا المرحلتين ما مجموعه 115 مليون دولار.
الحق في الغذاء
يعاني أكثر من نصف سكان اليمن من انعدام الأمن الغذائي، والذي تفاقم بسبب النزاع في أوكرانيا. كانت أوكرانيا وروسيا مصدّران رئيسيان للمنتجات الزراعية إلى اليمن، وزادت الاضطرابات المرتبطة بالحرب أسعار المواد الغذائية المتصاعدة أصلا وعمقت الفقر. قبل الحرب، استورد اليمن 27٪ على الأقل من قمحه من أوكرانيا و8٪ من روسيا.
وفقا لـ "لجنة الإنقاذ الدولية"، ترك الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية في السنوات الأخيرة أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية، في حين أن الانخفاض الحاد في قيمة الريال اليمني جعل الأغذية المستوردة، والزيت، والضروريات الأخرى أكثر تكلفة، وقلّل بشكل كبير من القوة الشرائية للأُسر اليمنيّة.
حقوق المرأة والتوجه الجنسي والهوية الجندرية
النساء اليمنيات يواجهن قيودا على الحركة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تلزمهن السلطات بأن يرافقهن محرم (قريب ذكر) من أجل السفر. يمنع شرط المحرم المرأة من السفر دون ولي أمر ذكر أو دليل على موافقته الكتابية. وفقا لمنظمة العفو الدولية، منعت قيود الحوثيين المتزايدة المتعلقة بمتطلبات المحرم النساء اليمنيات من العمل، وخاصة من عليهن السفر. تنطبق هذه القيود أيضا على العاملات اليمنيات في المجال الإنساني، ما زاد من صعوبة قيام النساء بالعمل الميداني وأثر على وصول النساء والفتيات اليمنيات إلى المساعدات.
يحظر قانون العقوبات اليمني العلاقات الجنسية المثلية. تعاقب المادة 264 على ممارسة الجنس الشرجي بالجلد 100 جلدة والسجن لمدة عام إذا لم يكن المعنيون متزوجين. أما إذا كانوا متزوجين، تقضي نفس المادة بالرجم حتى الموت. تعاقب المادة 268 على ممارسة الجنس بين النساء بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
الانتهاكات بحق المهاجرين
يواجه المهاجرون في اليمن انتهاكات حقوقية جسيمة طوال الرحلة من الصومال، وإثيوبيا، وجيبوتي، إلى السعودية بحثا عن عمل، مع احتجاز العديد منهم في ظروف لاإنسانية دون وصول كاف للخدمات الأساسية والغذاء.
وفقا لـ "المنظمة الدولية للهجرة"، بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2022، وصل أكثر من 11 ألف مهاجر إلى اليمن من جيبوتي والصومال بعد رحلات خطرة بالقوارب. تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 43 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء اليمن.
الأطراف الدولية الرئيسية
في 7 أبريل/نيسان، نقل الرئيس عبد ربه منصور هادي سلطته الرئاسية إلى مجلس قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء برئاسة السياسي رشاد العليمي. المجلس مدعوم من السعودية والإمارات، فيما استمرت قوات الحوثيين في تلقي الدعم من إيران.
استمرت الدول الغربية بمن فيها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، وغيرها في بيع الأسلحة للسعودية والإمارات وأعضاء التحالف الآخرين.
وجد تقرير داخلي صادر عن "مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية" ثغرات خطيرة في إشراف الحكومة الأمريكية على كيفية استخدام الأسلحة المباعة إلى السعودية والإمارات.
منذ أن صوت "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" بفارق ضئيل على إنهاء ولاية "مجموعة الخبراء البارزين المعني باليمن" في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لم توجد آلية بديلة لمراقبة الحالة الحقوقية في اليمن وضمان المساءلة عن الانتهاكات.
في أبريل/نيسان، تعهد المانحون الدوليون بتقديم 1.6 مليار دولار للاستجابة الإنسانية للمساعدة الإنسانية المنقذة للحياة وخدمات الحماية، وهذا أقل بـ 2.7 مليار دولار من الـ 4.3 مليار دولار المطلوبة للبرامج الإنسانية.