(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على حلفاء إسرائيل وداعمي الفصائل الفلسطينية المسلحة تعليق نقل الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة في إسرائيل وغزة نظرا إلى الخطر الحقيقي أن تُستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة. توفير الأسلحة التي من شأنها أن تساهم عن سابق معرفة وبشكل كبير في هجمات غير قانونية قد يجعل من يقدمونها متواطئين في جرائم الحرب.
ارتكبت إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة خلال الأعمال القتالية الحالية انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب. قتلت حماس ومجموعات فلسطينية مسلحة أخرى عمدا مئات المدنيين في إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأخذت أكثر من 200 رهينة. ثم قطعت إسرائيل الكهرباء والوقود والغذاء والمياه عن سكان غزة، وقيّدت بشكل شديد المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وجميع هذه الأفعال تشكل عقابا جماعيا.
قال برونو ستانيو، كبير مسؤولي المناصرة في هيومن رايتس ووتش: "يُعاقَب المدنيون ويُقتلون على نطاق غير مسبوق في التاريخ الحديث في إسرائيل وفلسطين. تخاطر الولايات المتحدة وإيران وحكومات أخرى بالتواطؤ في الانتهاكات الجسيمة إذا استمرت بتقديم المساعدة العسكرية إلى المنتهِكين المعروفين".
على حلفاء إسرائيل الرئيسيين – الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا – تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما استمرت قواتها بارتكاب انتهاكات وجرائم واسعة ومنهجية ضد الفلسطينيين بلا محاسبة. على إيران والحكومات الأخرى وقف توفير الأسلحة للفصائل المسلحة الفلسطينية، بما فيها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، طالما أنها ترتكب منهجيا هجمات ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين الإسرائيليين.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل نحو 1,400 إسرائيلي وآخرين، وأكثر من 9,700 فلسطيني، العديد منهم مدنيون، بحسب السلطات المحلية.
أثناء الأعمال القتالية الحالية، فرضت القوات الإسرائيلية عقابا جماعيا على المدنيين في غزة إذ حرمتهم من الماء والكهرباء والغذاء، وتعمدت إعاقة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
كررت أيضا استخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة في مناطق مكتظة بالسكان، فحوّلت مربعات سكانية بأكملها وأجزاء كبيرة من الأحياء إلى أنقاض، ما يثير مخاوف جدية بشأن وقوع هجمات عشوائية. كما استخدمت عشوائيا الفسفور الأبيض، وهو مادة حارقة تحرق اللحم البشري ويمكن أن تسبب معاناة مدى الحياة، في المناطق المأهولة في غزة ولبنان. كما تحققت "منظمة العفو الدولية" من صور تظهر قذائف مدفعية، تحمل الفسفور الأبيض، من سلسلة "إم 825" (M825) من عيار 155 مليمتر استخدمتها القوات الإسرائيلية قرب الحدود اللبنانية وسياج غزة.
كما أمر الجيش الإسرائيلي أكثر من مليون شخص في شمال غزة بالإخلاء نحو جنوب القطاع بسبب العمليات العسكرية في الشمال، رغم أنه ليس لديهم مكان آمن يقصدونه أو طريق آمن للوصول إلى أي مكان في القطاع. التحذيرات الفضفاضة، عوضا عن التحذيرات المحددة بشأن هجمات وشيكة، توحي بأن كل مكان في شمال قطاع غزة معرض لهجمات عسكرية. تهدد هذه الأوامر بإحداث تهجير قسري جماعي، وهو جريمة حرب. أغلقت إسرائيل أيضا معابرها الحدودية أمام أي شخص يرغب في الفرار.
تعمدت حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة قتل المدنيين، وأخذت مدنيين رهائن وتواصل احتجازهم، وأطلقت آلاف الصواريخ على التجمعات السكانية الإسرائيلية، وجميعها جرائم حرب.
كما أدلى قادة إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة بتصريحات تؤشر أن الانتهاكات الجسيمة على يد قواتهم ستستمر. سعى مسؤولون إسرائيليون إلى تحميل جميع سكان غزة المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قال وزير إنه "لا يوجد سبب" لتقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين حتى "تقضي" القوات الإسرائيلية على حماس. هدد متحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس بـ "إعدام رهينة من رهائن العدو المدنيين لدينا" وبثِ ذلك "بالصوت والصورة".
قالت هيومن رايتس ووتش إن العمليات المستقبلية لنقل العتاد العسكري إلى إسرائيل مع استمرار الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب قد تجعل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا متواطئة في هذه الانتهاكات إذا ساهمت فيها عن علم وبشكل كبير. توفير الأسلحة للجماعات الفلسطينية المسلحة، مع استمرار هجماتها غير القانونية، يحمل مخاطر بجعل إيران متواطئة في تلك الانتهاكات.
تأتي الانتهاكات الحالية بعد سنوات من الانتهاكات المنهجية، بما فيها غارات القوات الإسرائيلية الجوية غير المشروعة على غزة، وإطلاق الفصائل الفلسطينية المسلحة الصواريخ عشوائيا على التجمعات السكنية المدنية في إسرائيل، وجريمتَيْ إسرائيل ضد الإنسانية المتمثلتين بالفصل العنصري والاضطهاد، واللتين تستمر في ارتكابهما بلاعقاب.
طلب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن من "الكونغرس" الموافقة على 14.3 مليار دولار لمد إسرائيل بالمزيد من الأسلحة بالإضافة إلى المساعدات العسكرية الأمريكية بقيمة 3.8 مليار دولار التي تتلقاها إسرائيل سنويا. في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، مرر "مجلس النواب" الأمريكي قانونا لمنح مساعدات عسكرية لإسرائيل. منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، نقلت الولايات المتحدة أو أعلنت أنها تنوي نقل "قنابل صغيرة القِطر"، ومعدات توجيه ذخائر الهجوم المباشر المشترك، وقذائف مدفعية عيار 155 مليمتر، ومليون طلقة، من بين أسلحة أخرى.
أصدرت المملكة المتحدة تراخيص أسلحة بقيمة 442 مليون جنيه إسترليني (539 مليون دولار أمريكي) للقوات الإسرائيلية منذ العام 2015، تشمل طائرات وقنابل وذخيرة. صدّرت كندا ما مجموعه 47 مليون دولار كندي (33 مليون دولار أمريكي) في 2021 و2022. وأصدرت ألمانيا تراخيص بقيمة 862 مليون يورو (نحو 916 مليون دولار أمريكي) من مبيعات الأسلحة لإسرائيل بين 2015 و2019.
قالت قيادة حماس علنا في يناير/كانون الثاني 2022 إنها تلقت مساعدات عسكرية من إيران بقيمة 70 مليون دولار أمريكي على الأقل، لكنها لم تحدد الفترة التي قُدّم فيها هذا الدعم.
قال ستانيو: "كم من أرواح المدنيين يجب أن تُزهق بعد، وكم يجب أن يعاني المدنيون من جرائم الحرب قبل أن تتوقف الدول التي تزود إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية بالسلاح عن أفعالها وتتجنب التواطؤ في هذه المذبحة؟".