يُحاكم ما لا يقل عن 84 مدافعا حقوقيا ومعارضا سياسيا إماراتيا في الإمارات، حيث يواجهون أحكاما بالإعدام أو السجن مدى الحياة بتهم زائفة تتعلق بنشاطهم السياسي وعملهم الحقوقي، في قضية ترجع جذورها إلى قضية أخرى تعود إلى أكثر من عقد من الزمن. من المتوقع صدور الحكم في 10 يوليو/تموز.
قال المعارض السياسي الإماراتي الشيخ محمد الصديق في جلسة محكمة في مارس/آذار: "نأمل قبل أن تحكموا علينا بالإعدام أن تعطونا فرصة الدفاع عن أنفسنا".
التدقيق العام في هذه القضية ضروري ليكون لدى المتهمين أمل في الحرية. صمت المجتمع الدولي - الآن وطوال العقد الماضي – أودى بنا إلى ما نحن عليه الآن: 84 من ألمع أعضاء المجتمع المدني في الإمارات مُهدّدون بإسكاتهم إلى الأبد.
اتسمت المحاكمة بانتهاكات إجراءات المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. قيّدت السلطات الإماراتية الوصول إلى معلومات ومواد القضية، وأحاطت الجلسات بالسرية، وانتهكت مبدأ عدم المحاكمة مرتين على الجريمة نفسها - وهي قاعدة قانونية دولية تحظر محاكمة الأشخاص مرتين على نفس الجريمة بعد صدور حكم نهائي في حقهم. وجّه القضاة بشكل سافر شهادة الشهود. ومما يثير القلق هو أن المتهمين كرروا وصف ظروف الاحتجاز المسيئة، مثل الاعتداء الجسدي، والإجبار على التعري، والحبس الانفرادي المطول، ما يرقى إلى مصاف التعذيب.
أعلنت السلطات الإماراتية عن المحاكمة الجماعية في ديسمبر/كانون الأول 2023 بينما كانت أنظار العالم تتجه إلى الإمارات خلال "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28) في دبي: كان التوقيت صادما، خلال اجتماع دولي في الإمارات وُعد بأن يكون "الأكثر شمولا على الإطلاق".
يمكن ربط التوقيت الجريء بالإفلات من العقاب الذي تمتعت به الإمارات طوال العقد الماضي. رغم استمرار قمع البلاد للمعارضين السياسيين والمجتمع المدني، قليل من الحكومات تجرأ على انتقاد السجل الحقوقي في البلاد. أصبحت الإمارات حليفا أمنيا رئيسيا لعدة حكومات وعززت علاقات اقتصادية قوية.
يمكن تتبع جذور المحاكمة الجديدة إلى محاكمة "الإمارات 94" الجماعية للمعارضين السياسيين في 2013، حيث حكمت محكمة في أبو ظبي على 69 متهما بالسجن لمدد تتراوح بين 5 و15 سنة بتهم تتعلق بنشاطهم السياسي.
يُحاكم معظم المتهمين من محاكمة 2013 في القضية الجديدة بتهم متطابقة تقريبا، حتى بعد قضاء مدة عقوبتهم كاملة. يعتقد المدافعون الحقوقيون الإماراتيون أن السلطات رفعت القضية الجديدة لإبقاء المعارضين محتجزين إلى أجل غير مسمى – والأمل ضئيل في التوصل إلى نتيجة بديلة ما لم تتحدث الحكومات الحليفة علنا.
أعربت البعثات الدبلوماسية عن بعض القلق بشأن قمع الإمارات للحقوق المدنية والسياسية في 2011 و2013. وفي 2013، حاولت المؤسسات الدولية على الأقل إرسال مراقبين إلى المحاكمة. وعلى حد علمنا، لم تُرسل أي سفارة مراقبين لمراقبة إجراءات المحاكمة.
لكن سرعان ما استُبدل التدقيق المحدود بعلاقات اقتصادية وأمنية أقوى. ظلت الجماعات الحقوقية تضغط من أجل الاهتمام المستمر بالقضية منذ سنوات، لكن بدلا من ذلك ساد الصمت. أدى هذا الصمت إلى زيادة جرأة سلطات الأمن الإماراتية وإفلاتها من العقاب على أفعالها.
لطالما استفادت الإمارات من علاقاتها الاقتصادية والأمنية لمنع الانتقادات العامة لسجلها الحقوقي، لكن صمت حلفاء الإمارات الغربيين أصبح الآن شبه مطلق. بعد أكثر من عشر سنوات على محاكمة الإمارات 94، ما يزال صمت شركاء الإمارات تاما. خلال رحلتي الأخيرة إلى الإمارات، أخبرتني البعثات الدبلوماسية أن التعبير العلني عن القلق إزاء انتهاكات المحاكمة العادلة التي وثّقناها أمر غير وارد؛ حتى المشاركة الخاصة كانت مستبعدة تماما.
ينبغي لجميع الحكومات المعنية بحقوق الإنسان، وخاصة الحلفاء الأمنيين والاقتصاديين المقربين للإمارات، أن تدين علنا انتهاكات المحاكمة وتُرسل مراقبين إلى جلسة 10 يوليو/تموز.
ربما كان الاهتمام العام والضغط المستمرين سيؤديان إلى إطلاق سراح متهمي الإمارات 94 بعد انتهاء مدة عقوبتهم. لكن القضية خسرت أمام المصلحة السياسية ورُفعت قضية جديدة.
وبينما حظيت محاكمة 2013 بتغطية واسعة من قبل الصحافة الدولية، بالكاد ظهرت القضية الجديدة في عناوين الأخبار. تابع عدد قليل من وسائل الإعلام المتفانية والشجاعة المحاكمة عن كثب، تحت تهديد كبير على موظفيها، لكن الكثير منها لم تفعل ذلك. قد يواجه المراسلون الذين يتابعون المحاكمة حظر السفر والترهيب والترحيل.
إذا لم تقدّم الصحافة الأجنبية والمجتمع الدبلوماسي التدقيق اللازم، قد يُحكم على المتهمين الـ 84 في 10 يوليو/تموز بالمعاناة لسنوات عديدة أخرى.