تزايد قمع السلطات الإسرائيلية الشديد للفلسطينيين في ظل الحكومة الائتلافية برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد والتي تشكلت من طيف واسع من الأحزاب السياسية. ترقى ممارسات السلطات الإسرائيلية، المتخذة ضمن سياسة الحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين، إلى الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد.
على مدار ثلاثة أيام من الأعمال القتالية في أغسطس/آب، شنت القوات الإسرائيلية عشرات الغارات الجوية وألقت أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في قطاع غزة المكتظ بالسكان، في حين أطلقت "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" المسلحة مئات الصواريخ عشوائيا باتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية. وفقا لـ"مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)، قُتل 49 فلسطينيا، بينهم 17 طفلا. كما أصيب خلال التصعيد 360 فلسطينيا و70 إسرائيليا.
نشبت الأعمال القتالية في أغسطس/آب وسط قيود إسرائيلية شاملة، مستمرة منذ 15 عاما، على حركة الأشخاص والبضائع في غزة. حرمت سياسة الإغلاق الإسرائيلية، والتي تفاقمت جراء القيود المصرية على حدودها مع غزة، أكثر من مليوني فلسطيني في غزة من حقهم في حرية التنقل وفرص تحسين حياتهم، مع استثناءات نادرة، وقيّدت بشدة تلقيهم الكهرباء والرعاية الصحية والمياه، ودمرت الاقتصاد. بحسب "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" (الأونروا)، يعتمد حوالي 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.
في الضفة الغربية، كثّفت القوات الإسرائيلية عملياتها عقب هجمات عدة نفذها فلسطينيون داخل إسرائيل في مارس/آذار، فقتلت 147 فلسطينيا حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول، بحسب أوتشا، وهي أعلى حصيلة سنوية منذ أن بدأت الأمم المتحدة منهجيا بتسجيل أعداد القتلى في 2005. في مايو/أيار، قُتلت شيرين أبو عقلة، الصحفية الشهيرة في قناة "الجزيرة"، رميا بالرصاص خلال مداهمة إسرائيلية في شمال الضفة الغربية. تشير عدة تحقيقات مستقلة إلى أن القوات الإسرائيلية قتلتها.
حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، اعتقلت أيضا السلطات الإسرائيلية إداريا 866 فلسطينيا، بحسب أرقام مصلحة السجون الإسرائيلية، بدون تهمة أو محاكمة وبناء على أدلة سرية. هذا الرقم هو الأعلى خلال عقدين تقريبا، بحسب المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بتسيلم".
كما تابعت السلطات الإسرائيلية تسهيل نقل المواطنين الإسرائيليين إلى المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وهي جريمة حرب. وفقا لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، دفعت حكومة بينيت ولابيد بخطط لبناء 7,292 وحدة سكنية في المستوطنات على مدار السنة بين توليها الحكم وأواخر يونيو/حزيران 2022، بزيادة قدرها 26% مقارنة بالمتوسط السنوي للفترة التي كان فيها بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء بين 2012 و2020.
بحسب أوتشا، هدمت السلطات الإسرائيلية أيضا 851 منزلا ومبان فلسطينية أخرى في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، خلال الـ 11 شهرا الأولى من 2022، فهجّرت 966 شخصا. هُدمت معظم المباني بسبب الافتقار إلى رخص البناء، التي تجعل السلطات من شبه المستحيل على الفلسطينيين في هذه المناطق الحصول عليها.
في مايو/أيار، أذنت محكمة العدل العليا الإسرائيلية بهدم منازل أكثر من 1,000 فلسطيني في مسافر يطا، جنوب الضفة الغربية، لوقوعها في منطقة إطلاق نار للجيش الإسرائيلي. قالت المحكمة إن سلطة الجيش في إعلان مناطق عسكرية مغلقة لها الأولوية على القانون الدولي.
في أغسطس/آب، داهمت السلطات الإسرائيلية مكاتب سبع منظمات مجتمع مدني فلسطينية بارزة، وأصدرت أوامر إغلاق بحقها في أعقاب قرارها في العام 2021 بحظر ستة من هذه المجموعات بتصنيفها منظمات "إرهابية" بموجب القانون الإسرائيلي، و"جمعيات غير قانونية" بموجب القانون العسكري، الذي يُطبَّق في الضفة الغربية المحتلة.
واجه المجتمع المدني الفلسطيني أيضا قيودا من السلطة الفلسطينية التابعة لـ "فتح" في الأجزاء التي تديرها السلطة في الضفة الغربية، ومن سلطات حماس في غزة. تلقت "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، وهي المرصد الرسمي الفلسطيني، 120 شكوى بشأن اعتقالات تعسفية ضد السلطة الفلسطينية و87 ضد حماس؛ و106 شكاوى تعذيب وسوء معاملة ضد السلطة الفلسطينية و113 ضد حماس؛ و28 شكوى ضد السلطة الفلسطينية بشأن الاحتجاز بدون محاكمة أو تهمة بناء على أوامر من المحافظ بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2022.
فاز حزب بنيامين نتنياهو "الليكود" وحلفاؤه بأغلبية مقاعد "الكنيست" في انتخابات 1 نوفمبر/تشرين الثاني، وهي الانتخابات الإسرائيلية الخامسة منذ العام 2019. شكل نتنياهو حكومة تضم إيتمار بن غفير، الذي أدانته محكمة إسرائيلية بتهمة التحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية، وأدى اليمين كرئيس للوزراء في 29 ديسمبر/كانون الأول.
قطاع غزة
في 5 أغسطس/آب، قصفت السلطات الإسرائيلية منزل قيادي في حركة الجهاد الإسلامي في غزة من دون استفزاز واضح من طرف الحركة، ما أدى إلى اندلاع أعمال قتالية استمرت ثلاثة أيام. أطلقت الحركة عشوائيا أكثر من 1,100 صاروخ باتجاه إسرائيل، بعضها أخفق وسقط داخل غزة. وفقا لـ "مركز مئير عميت للمعلومات الاستخبارية والإرهاب" في إسرائيل، قصفت السلطات الإسرائيلية قطاع غزة المكتظ بالسكان بأسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، ونفذت 170 غارة. بالإضافة إلى القتلى والجرحى، ألحق التصعيد أضرارا بألفَي وحدة سكنية فلسطينية، بحسب أوتشا.
بين 2 و8 أغسطس/آب، أغلقت السلطات الإسرائيلية المعابر إلى غزة، ومنعت سكان القطاع الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة من تلقي العلاج خارجه. حالت هذه الخطوة دون دخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، ما أدى إلى إغلاقها. ترقى مثل هذه الإجراءات التي تستهدف عموم السكان المدنيين في القطاع إلى حد العقاب الجماعي غير القانوني.
الإغلاق الإسرائيلي
للعام الـ 15 على التوالي، منعت السلطات الإسرائيلية معظم سكان غزة من السفر عبر إيرز، المعبر الوحيد الواصل بين غزة وإسرائيل، والذي يمنح الفلسطينيين القدرة على السفر إلى الضفة الغربية والخارج. كثيرا ما تُعلل السلطات الإسرائيلية الإغلاق بأسباب أمنية، وهو يأتي بعد أخذ حماس السيطرة على غزة من السلطة الفلسطينية بقيادة فتح في يونيو/حزيران 2007. إلا أن سياسة الإغلاق لا ترتكز على تقييم فردي للتهديد الأمني؛ يسري منع السفر العام على الجميع باستثناء الأشخاص الذين تعتبر السلطات الإسرائيلية أن لديهم "ظروفا إنسانية استثنائية"، ومعظمهم ممن يحتاج إلى علاج طبي ضروري ومرافقوهم، فضلا عن رجال الأعمال البارزين.
بحسب أوتشا، خلال النصف الأول من العام 2022، لم يتمكن أكثر من ثلث الساعين إلى السفر لتلقي رعاية طبية عاجلة خارج غزة من نيل الموافقة في الوقت المناسب. بحسب "منظمة الصحة العالمية"، توفي 839 فلسطينيا في غزة بين عامي 2008 و2021 بينما كانوا ينتظرون ردا على طلباتهم للحصول على تصاريح.
وفقا لمنظمة "چيشاه-مسلك" الحقوقية الإسرائيلية، بلغ المعدل اليومي للمغادرين عبر معبر إيرز خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام 2022 حوالي 1,120 فلسطينيا في غزة، في زيادة عن السنوات الأخيرة. يرجع ذلك إلى حد كبير إلى التصاريح الصادرة للفلسطينيين في غزة للعمل في البناء والزراعة، لكنه لا يزال أقل من 5% من المعدل اليومي قبل بداية الانتفاضة الثانية أو الانتفاضة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 2000 والذي تجاوز 24 ألفا.
بلغ في هذه الفترة متوسط صادرات غزة، والتي كانت متجهة في الغالب إلى الضفة الغربية وإسرائيل، حمولة 617 شاحنة شهريا، أقل من المعدل الشهري البالغ حمولة 1,064 شاحنة قبل تشديد الإغلاق في يونيو/حزيران 2007، وفقا لـ چيشاه-مسلك. تواصل السلطات فرض قيود شديدة على دخول مواد البناء وغيرها من المواد التي تعتبرها "ذات استخدام مزدوج" والتي يمكن استخدامها أيضا لأغراض عسكرية. تتضمن مثل هذه القائمة معدات للأشعة السينية والاتصالات، وقطع الغيار والبطاريات للأجهزة المساعِدة التي يستخدمها الأشخاص ذوو الإعاقة، ومواد مدنية حيوية أخرى.
يقيّد الإغلاق الحصول على الخدمات الأساسية. خلال 2022، افتقرت العائلات في غزة إلى الكهرباء المنتجة في مصدر مركزي لمدة قاربت 12 ساعة كمعدل في اليوم، بحسب أوتشا. الانقطاع الطويل والمزمن للتيار الكهربائي يثقل جوانب عدة من الحياة اليومية، من التدفئة والتبريد ومعالجة مياه الصرف الصحي إلى الرعاية الصحية والأعمال التجارية، ويؤثر على نحو خاص على الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعتمدون على الضوء للتواصل باستخدام لغة الإشارة أو المعدات التي تعمل بالكهرباء، مثل المصاعد أو الكراسي المتحركة الكهربائية، للتنقل. أكثر من 97% من المياه الجوفية في غزة، وهي المصدر الطبيعي الوحيد للمياه في القطاع، "غير صالحة للاستهلاك البشري"، بحسب أوتشا.
كما تقيّد مصر حركة الأشخاص والبضائع عبر معبر رفح مع غزة، وأحيانا تغلق المعبر بالكامل. في الأشهر الـ 11 الأولى من 2022، عَبَر 23,060 فلسطينيا كمعدل شهري في كلا الاتجاهين، أي أقل من المتوسط الشهري البالغ أكثر من 40 ألفا قبل الانقلاب العسكري العام 2013 في مصر، وفقا لـ چيشاه-مسلك.
بحسب تقرير صادر عن منظمة "إنقاذ الطفولة" في يونيو/حزيران، أفاد أربعة من أصل كل خمسة أطفال قابلوهم في غزة أنهم يعيشون حالة من الاكتئاب، والحزن، والخوف حصيلة 15 عاما من الإغلاق.
منعت سلطات حماس بعض النساء من السفر وفقا للوائح صادرة في فبراير/شباط 2021، وهي تسمح لأولياء الأمر الذكور بالتقدم إلى المحاكم لمنع النساء غير المتزوجات من مغادرة غزة عندما يتسبب هذا السفر في "ضرر محض"، وهو مصطلح مبهم يسمح للرجال بتقييد سفر النساء كلما أرادوا.
حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة
في يونيو/حزيران، نشرت سلطات حماس فيديو يظهر هشام السيد، وهو مواطن بدوي فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية محتجز بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من سبع سنوات بعد دخوله غزة. لم تقدم أي معلومات عن مواطن إسرائيلي آخر تحتجزه على ما يبدو منذ 2014، وهو أفيرا منغستو. احتجاز هذين الرجلين، وهما مدنيان لديهما إعاقات نفسية-اجتماعية، من قبل سلطات حماس هو عمل غير قانوني.
في سبتمبر/أيلول، أعدمت سلطات حماس خمسة فلسطينيين، بينهم رجلان متهمان بـ "التعامل" مع إسرائيل، بعد محاكمات شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة. كانت هذه أول إعدامات تُنفَّذ منذ خمس سنوات. نفذت سلطات حماس 33 إعداما بالإجمال منذ سيطرتها على غزة في يونيو/حزيران 2007. حتى 19 أكتوبر/تشرين الأول، حكمت المحاكم في غزة بالإعدام على 24 شخصا هذا العام، و188 شخصا منذ 2007، وفقا لـ"المركز الفلسطيني لحقوق الانسان" في غزة.
الضفة الغربية
في أكتوبر/تشرين الأول، طبقت السلطات الإسرائيلية إرشادات جديدة تقيّد بشدة قدرة الرعايا الأجانب على دخول الضفة الغربية لزيارة الأسرة، أو العمل، أو الدراسة، أو التدريس.
استخدام القوة والاعتقالات من قبل إسرائيل
زادت قوات الأمن الإسرائيلية حجم وعدد المداهمات العسكرية على التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية في أبريل/نيسان، في أعقاب هجمات عدة شنها فلسطينيون داخل إسرائيل في مارس/آذار. في أبريل/نيسان، أعلن رئيس الوزراء آنذاك بينيت أنه لن تكون هناك "قيود" على أفعال القوات الإسرائيلية. حتى 21 ديسمبر/كانون الأول، بحسب أوتشا، قتلت القوات الإسرائيلية 147 فلسطينيا في الضفة الغربية، بينهم 34 طفلا على الأقل. بين القتلى فلسطينيون يُزعم أنهم هاجموا إسرائيليين؛ وصحفيون؛ وعمّال كانوا يعبرون من فتحات في الجدار الفاصل (كان الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة موافق ضمنيا على مرور فلسطينيين من خلال الجدار)؛ ومارّة، منهم غادة سباتين (44 عاما) الأم العزلاء لستة أولاد والتي قُتلت بالرصاص عند نقطة تفتيش.
قتل المستوطنون الإسرائيليون ستة فلسطينيّين وجرحوا 281، وألحقوا أضرارا بالممتلكات في 594 حادثة حتى 21 ديسمبر/كانون الأول، بحسب أوتشا.
نادرا ما حاسبت السلطات الإسرائيلية قوات الأمن التي استخدمت القوة المفرطة أو المستوطنين الذين هاجموا الفلسطينيين. أدى أقل من 1% من الشكاوى التي قدمها فلسطينيون في الضفة الغربية بين 2017 و2021 بشأن انتهاكات القوات الإسرائيلية إلى لوائح اتهام، بحسب منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية. حتى لدى مقتل شيرين أبو عقلة، الذي شكل حدثا بارزا، والاعتداء العنيف الموثّق بوضوح على موكب تشييعها، أقرت السلطات الإسرائيلية بأرجحية مقتلها على يد جندي إسرائيلي، لكنها قالت إنه عرضي، وإنه لن يكون هناك تحقيق جنائي في القضية.
حتى 26 نوفمبر/تشرين الثاني، قتل فلسطينيون ستة مستوطنين إسرائيليين وأصابوا 130 في الضفة الغربية، بحسب أوتشا.
في حين أن السلطات الإسرائيلية تطبق القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنين، فهي تحكم فلسطينيي الضفة الغربية، باستثناء سكان القدس، بموجب قانون عسكري قاسٍ. وبذلك، فهي تحرمهم من الإجراءات القانونية الأساسية وتحاكمهم في محاكم عسكرية بمعدل إدانة يقارب 100%. أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في أغسطس/آب أن المحاكم الإسرائيلية لم تمنح ولو التماسا واحدا لإلغاء أي أمر اعتقال إداري في العام 2022 وأن "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" ليست على علم بأي قضية حدث فيها العكس.
حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، احتجزت إسرائيل 4,658 فلسطينيا بتهم "أمنية"، بحسب أرقام "مصلحة السجون الإسرائيلية". بحسب منظمة "الضمير" الفلسطينية لحقوق الأسرى، احتجزت السلطات الإسرائيلية حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 150 طفلا فلسطينيا. العديد من الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة تحتجزهم السلطات الإسرائيلية داخل إسرائيل، ما يعقّد الزيارات العائلية وينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على نقلهم خارج الأرض المحتلة.
في مارس/آذار، أوقفت السلطات الإسرائيلية الناشط الحقوقي الفرنسي-الفلسطيني صلاح حموري، ووضعته رهن الاعتقال الإداري. في ديسمبر/كانون الأول، رحّلت السلطات الإسرائيلية حموري، طاردةً إياه من مسقط رأسه القدس على أساس "خرق الولاء" لإسرائيل، في خرق للقانون الإنساني الدولي، الذي يمنع طرد الأشخاص المتمتعين بالحماية من الأراضي المحتلة.
في أغسطس/آب، أنهى خليل عواودة إضرابا عن الطعام استمر ستة أشهر تقريبا ضد اعتقاله الإداري الممتد لشهور، بعد أن وافقت السلطات الإسرائيلية على إطلاق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول؛ لكنها لم تُطلق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول وكان ما يزال محتجزا حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
في أغسطس/آب، حكمت السلطات الإسرائيلية على عامل الإغاثة في غزة محمد الحلبي بالسجن 12 عاما، بعد احتجازه لست سنوات قبل محاكمته وأثناءها، بزعم تحويل ملايين الدولارات إلى جماعات فلسطينية مسلحة. شابت محاكمته انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك إبقاء الكثير من الأدلة المفترضة ضده سريةً. ووجدت المراجعات التي أجرتها الحكومات المانحة والشركات المستقلة التي عينتها الجهة التي يعمل لديها حلبي، "وورلد فيجين"، عدم وجود أي تجاوز.
في أغسطس/آب، احتجزت السلطات الإسرائيلية الباحث الميداني في بتسيلم ناصر النواجعة بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من 12 ساعة، واتهمته بـ "عمل المشاكل".
وفقا للمنظمة الحقوقية الإسرائيلية "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل"، قُدِّمت أكثر من 1,300 شكوى بشأن التعذيب إلى وزارة العدل الإسرائيلية منذ العام 2001، بما في ذلك التكبيل المؤلم والحرمان من النوم والتعرض لدرجات حرارة شديدة؛ أدت الشكاوى إلى تحقيقين جنائيين إنما بلا تقديم لوائح اتهام. أفادت مجموعة "مراقبة المحكمة العسكرية" أن 74 من أصل 100 طفل فلسطيني تمت مقابلتهم في العام 2022 قالوا إنهم تعرضوا للإيذاء الجسدي أثناء احتجازهم على يد القوات الإسرائيلية، وأن 42% منهم خضعوا للحبس الانفرادي.
حتى 14 سبتمبر/أيلول، احتجزت السلطات الإسرائيلية جثث 106 فلسطينيين قُتلوا منذ العام 2015 فيما تعتبره حوادث أمنية، كوسيلة ضغط لتأمين إطلاق حماس سراح جثتي جنديين إسرائيليين يُفترض أنهما قُتلا في الاشتباكات عام 2014، كما أقرت السلطات، وفقا لـ "مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان".
المستوطنات وهدم المنازل
توفر السلطات الإسرائيلية الأمن، والبنية التحتية، والخدمات لنحو 700 ألف مستوطن في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
دفعت صعوبة الحصول على تصاريح البناء الإسرائيلية في القدس الشرقية والـ 60% من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة إسرائيل الحصرية (المنطقة ج) الفلسطينيين إلى تشييد مبانٍ معرضة باستمرار لخطر الهدم أو المصادرة لكونها غير مرخصة، بما يشمل عشرات المدارس. تواجه مجتمعات فلسطينية بأكملها، في مناطق مثل تلال جنوب الخليل، بشدة خطر التهجير. يحظر القانون الدولي على سلطة الاحتلال تدمير الممتلكات "إلاّ في الحالات التي تستلزمها الضرورة العسكرية القهري".
في مارس/آذار، قضت "المحكمة العليا" الإسرائيلية بأنه يمكن لأربع عائلات في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية البقاء مؤقتا في منازلها، بينما تعاين وزارة العدل ملكية الأرض. سعت منظمات المستوطنين الإسرائيليين إلى الاستيلاء على منازل فلسطينيين في الشيخ جراح وسلوان، وهو حي آخر في القدس الشرقية، وطرد هؤلاء الفلسطينيين الموجودين في منازلهم منذ زمن بعيد. تم ذلك بموجب قانون تمييزي، أيدته المحاكم الإسرائيلية، يسمح لهذه المجموعات بالمطالبة بأراضٍ تدعي أن اليهود كانوا يمتلكونها في القدس الشرقية قبل العام 1948. بموجب القانون الإسرائيلي، يُمنع الفلسطينيون، بمن فيهم سكان الشيخ جراح الذين يواجهون التهجير، من استعادة أي ممتلكات كانت لهم في الأراضي التي باتت تشكل إسرائيل والتي هربوا منها في 1948.
حرية التنقل
واصلت السلطات الإسرائيلية إلزام حاملي الهوية الفلسطينية، مع استثناءات نادرة، بالاستحصال على تصاريح صعبة المنال ومحدودة المدة من الجيش الإسرائيلي لدخول إسرائيل وأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. تصف بتسيلم هذا الإجراء بأنه "نظام بيروقراطي تعسفي ويفتقر إلى الشفافية" حيث "كثير من الطلبات تُرفض دون أي توضيح ودون توفر إمكانية حقيقية للاعتراض على الرفض".
حتى يونيو/حزيران 2020، كان لدى السلطات الإسرائيلية تقريبا 600 نقطة تفتيش وحواجز دائمة أخرى داخل الضفة الغربية، بالإضافة إلى ما يقارب 1,500 نقطة تفتيش "طيارة" أقيمت بين أبريل/نيسان 2019 ومارس/آذار 2020، بحسب أوتشا. تعتاد القوات الإسرائيلية إرجاع الفلسطينيين أو إذلالهم وتأخيرهم عند نقاط التفتيش دون تفسير، بينما تسمح إلى حد بعيد بتنقل المستوطنين الإسرائيليين دون قيود.
واصلت إسرائيل بناء جدار الفصل. بدأت السلطات في بناء الجدار منذ أكثر من عقدين، لأسباب أمنية ظاهريا، لكن يقع 85% منه داخل الضفة الغربية وليس على طول الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية. بذلك، يفصل الجدار آلاف الفلسطينيين عن أراضيهم الزراعية؛ ويعزل 11 ألف فلسطيني يعيشون على الجانب الغربي من الجدار، ولكنهم ممنوعون من السفر إلى إسرائيل، ويخضع عبورهم الجدار للوصول إلى ممتلكاتهم وخدمات أخرى لقيود شديدة؛ وحين يكتمل، سيقتطع 9% من الضفة الغربية.
السلطة الفلسطينية
بعد أكثر من عام من قيام قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بضرب الناشط البارز والناقد نزار بنات حتى الموت في يونيو/حزيران 2021 أثناء احتجازه واعتقال عشرات المطالبين بالعدالة على وفاته، لم يحاسَب أحد. وجه المدعون اتهامات إلى 14 عنصر أمن، لكن يقول المنتقدون إن السلطات تتحرك ببطء شديد وانحياز.
ميّز قانون السلطة الفلسطينية بشأن الأحوال الشخصية ضد النساء في مسائل منها الزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث. لا يوجد في فلسطين قانون شامل للعنف الأسري. تدرس السلطة الفلسطينية منذ فترة طويلة مسودة قانون حماية الأسرة، لكن أثارت منظمات حقوق المرأة مخاوف من أن القانون لا يكفي لمنع الانتهاكات وحماية الضحايا.
في الصيف، أُلغيت فعاليات اجتماعية وثقافية عديدة في الضفة الغربية بعد تهديدات ضد المنظمين. دعت منظمة "الحق" الفلسطينية الحقوقية السلطة الفلسطينية إلى حماية هذه المساحات بشكل أفضل والتحقيق في التهديدات ضد مثل هذه الأنشطة.
إسرائيل
في مارس/آذار، أدت سلسلة هجمات نفذها فلسطينيون، منها إطلاق نار في الخضيرة وبني براك، وطعن ودهس بالسيارة في بئر السبع، إلى مقتل تسعة مدنيين وشرطيَّيْن إسرائيليين. في نوفمبر/تشرين الثاني، قتل تفجير مزدوج نفذه فلسطيني في القدس إسرائيليا في الـ 15 من عمره بالإضافة إلى مدني إسرائيلي آخر.
أعاد الكنيست في مارس/آذار العمل بأمر مؤقت يمنع، مع استثناءات قليلة، منح وضع قانوني طويل الأمد داخل إسرائيل لفلسطينيي الضفة الغربية وغزة الذين يتزوجون مواطنين إسرائيليين أو مقيمين في إسرائيل. مثل هذا القيد، الموجود منذ العام 2003، لا يسري على الأزواج من أي جنسية أخرى تقريبا.
في يوليو/تموز، أيدت المحكمة الإسرائيلية العليا قانونا من العام 2008 يسمح للسلطات الإسرائيلية بإلغاء جنسية أي شخص على أساس "خرق الولاء".
واصلت السلطات الإسرائيلية منهجيا رفض طلبات اللجوء لنحو 28 ألف طالب لجوء أفارقة في البلاد، معظمهم إريتريون وسودانيون، في حين سمحت بدخول آلاف اللاجئين الأوكرانيين. على مر السنين، فرضت الحكومة قيودا على تنقل طالبي اللجوء، وتصاريح عملهم، وحصولهم على الرعاية الصحية والتعليم للضغط عليهم للمغادرة.
الأطراف الدولية الرئيسية
زار الرئيس الأمريكي بايدن إسرائيل وفلسطين في يوليو/تموز. تقاعست الإدارة الأمريكية إلى حد كبير الحديث علنا عن الانتهاكات الحقوقية، بما في ذلك حظر إسرائيل لمنظمات بارزة في المجتمع المدني الفلسطيني. لكن أدانت الإدارة مقتل شيرين أبو عاقلة وفتحت تحقيقا فيه. في مارس/آذار، أجاز الكونغرس الأمريكي تمويلا بقيمة مليار دولار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية"، مضيفا إلى المساعدة الأمنية السنوية البالغة 3.7 مليار دولار التي تقدمها الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
قالت تسع دول من "الاتحاد الأوروبي" في يوليو/تموز إنها لم تتلق "معلومات جوهرية" تبرر تصنيف إسرائيل لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني على أنها "منظمات إرهابية" و"جمعيات غير قانونية"، وستواصل دعمها المالي لها.
واصل الاتحاد الأوروبي إدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلية. ظل التركيز الأساسي للاتحاد الأوروبي على محاولة تجديد "عملية السلام"؛ رغم إقراره ببعض الانتهاكات الحقوقية، لم يفرض عواقب ذات أهمية لهذه الانتهاكات. في أكتوبر/تشرين الأول، انعقد "مجلس الشراكة" بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل للمرة الأولى منذ عقد، رغم تصاعد القمع الإسرائيلي.
تواصل التحقيق من قبل المدعي العام في "المحكمة الجنائية الدولية" بشأن فلسطين. في ديسمبر/كانون الأول، أعلن المدعي العام أنه يسعى إلى السفر إلى فلسطين في 2023.
في سبتمبر/أيلول، وجدت مراجعة حقوقية تمت بطلب من "ميتا"، الشركة الأم لـ "فيسبوك" و"إنستغرام"، طالت إجراءات التدقيق في محتوى المنصتين المتعلقة بإسرائيل وفلسطين في مايو/أيار 2021، أن الشركة فرضت الرقابة على منشورات الفلسطينيين ومؤيديهم، بما فيها تلك المتعلقة بالانتهاكات الحقوقية.
في ديسمبر/كانون الأول، طلبت "الجمعية العامة للأمم المتحدة" رأيا استشاريا من "محكمة العدل الدولية" بشأن الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي المطول والعواقب القانونية المترتبة على انتهاكاته ضد الفلسطينيين.