(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في "التقرير العالمي 2024" إن الحكومة المصرية قيّدت بشدة الفضاء المدني والحياة العامة، ولم تضمن الحقوق الاقتصادية للمصريين خلال 2023. قلصت السلطات بشكل كبير حرية التعبير والتجمع السلمي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر/كانون الأول، لعرقلة المنافسة الحقيقية.
تضمنت حملة القمع المتواصلة موجات جديدة من الاعتقالات والاحتجاز التعسفي بدوافع سياسية، وعدم التسامح مع الاحتجاجات السلمية، والمحاكمات الجائرة للصحفيين والنشطاء.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية عام 2023، لجأت حكومة عبد الفتاح السيسي المصرية إلى تكتيكها المعتاد بتقليص الحريات، واحتجاز بعض الأشخاص لترهيب المصريين الآخرين بغية ثنيهم عن المشاركة في الحياة العامة أو المجال السياسي. لا يمكن لأي قدر من القمع أن يُخفي حقيقة تقاعس حكومة السيسي عن حماية الحقوق الاقتصادية والمدنية والسياسية والاجتماعية للمصريين، أو أنها تسببت فعليا في تدهورها".
في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كان لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.
في نوفمبر/تشرين الثاني، أحالت السلطات السياسي البارز أحمد الطنطاوي ومدير حملته و22 من أنصاره إلى المحاكمة بتهم تتعلق فقط بحشد تأييد سياسي لحملته الرئاسية. نجحت السلطات في استبعاد الطنطاوي كمنافس محتمل للسيسي بالاعتماد على الأساليب القمعية. بين سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، احتجزت قوات الأمن أكثر من 100 من أنصار الطنطاوي المفترضين أو الفعليين، على ما يبدو فقط بسبب دعمهم العلني له. سابقا، في أبريل/نيسان ومايو/أيار، اعتقل الأمن أيضا بعض أفراد عائلته.
في أغسطس/آب، وصل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي جديد بلغ 39.7%، مما فاقم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المصريون. في سبتمبر/أيلول، أظهر تحليل أجرته "بلومبرغ" أن مصر ثاني أكثر الدول عرضة لأزمة ديون، بعد أوكرانيا. لم تتخذ الحكومة تدابير ملموسة لتوفير الشفافية والرقابة المدنية على الشبكة الغامضة والآخذة في التوسع من الشركات المدنية المملوكة من الجيش، أو لحماية الحقوق الاقتصادية، بما فيه بعدم زيادة تدابير الحماية الاجتماعية بالقدر المطلوب حسبما تنص عليه اتفاقية القرض التي أبرمتها مصر مع "صندوق النقد الدولي" في أواخر 2022.
في أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت السلطات وحاكمت عشرات المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين إلى جانب نشطاء آخرين في القاهرة والإسكندرية. في أكتوبر/تشرين الأول أيضا، أكدت محكمة الاستئناف حكما بالسجن ستة شهور وغرامة 20 ألف جنيه مصري (647 دولار أمريكي) ضد المنتقد البارز للحكومة والناشر المخضرم هشام قاسم، بتهم ذات دوافع سياسية تشمل التشهير والقذف وإزعاج السلطات. في سبتمبر/أيلول، أيدت محكمة الاستئناف حكما بالسجن أربع سنوات على محمد عادل، الناشط البارز والقيادي السابق في "حركة شباب 6 أبريل"، بتهمة "نشر أخبار كاذبة".
في مارس/آذار، حكمت محكمة أمن الدولة طوارئ -القاهرة على 29 ناشطا حقوقيا متهمين بالانتماء إلى "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، وهي منظمة لحقوق الإنسان، بأحكام سجن قاسية تراوحت بين خمس سنوات والمؤبد، بعد محاكمة جماعية غير عادلة.
في أبريل/نيسان، أُقِرّت المهلة النهائية لجميع المنظمات غير الحكومية لإعادة التسجيل بموجب قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الصارم لعام 2019. يسمح القانون للسلطات بتقييد عمل الجمعيات المستقلة والتدخل فيه، أو إغلاقها، أو مقاضاة موظفيها بموجب مجموعة كبيرة من القيود غير القانونية.
واصلت السلطات استهدافها المنهجي للمعارضين الفعليين أو المتصورين الذين يعيشون في الخارج، وكذلك عائلاتهم داخل مصر. في أغسطس/آب، اعتقلت السلطات والد الصحفي المصري أحمد جمال زيادة، الذي يعيش في بروكسل والذي سبق أن تعرض للاعتقال والتعذيب في مصر، ووالد الطبيبة والناشطة الألمانية المصرية فجر العادلي. أُطلِق سراح الوالدين، في أكتوبر/تشرين الأول، دون محاكمة.
رفضت السلطات أيضا تقديم أو تجديد وثائق هوية عشرات المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين يعيشون في الخارج، على ما يبدو للضغط عليهم للعودة إلى مصر، حيث سيواجهون اضطهادا شبه أكيد.