الملخص
في رسالة وجّهتها حكومة البحرين في فبراير/شباط 2019 إلى "مكتب الأمم المتحدة في جنيف"، زعمت أن محاكمها أصدرت عددا صغيرا جدا من أحكام الإعدام. في الواقع، منذ 2011، حكمت المحاكم في البحرين على 51 شخصا بالإعدام، وأعدمت الدولة ستة منذ انتهاء الوقف الفعلي لتنفيذ الإعدامات في 2017. لغاية يونيو/حزيران 2022، كان 26 رجلا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، وجميعهم استنفدوا الاستئناف. بموجب القانون البحريني، يتمتع الملك حمد بن عيسى آل خليفة بصلاحية التصديق على الأحكام، أو تخفيفها، أو منح العفو.
في حين أن عقوبة الإعدام ليست محظورة تماما بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، إلا أن المادة 6 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، التي تتناول الحق في الحياة، تنص على أنه "لا يجوز ... أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة". في رسالة فبراير/شباط 2019 إلى الأمم المتحدة، كتبت الحكومة البحرينية أن الإعدام يُفرَض فقط عقابا على الجرائم البالغة الخطورة، مثل القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد كظرف مشدد. أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات منذ 2007 وآخرها في 2020، تدعو الدول إلى وقف استخدام عقوبة الإعدام. حاليا، ثمة نحو 170 دولة ألغت عقوبة الإعدام أو فرضت حظرا على استخدامها في القانون أو في الممارسة، ما يعكس إجماعا دوليا متناميا ضد استخدامها.
تتناول المادة 14 من العهد الدولي الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة بالتفصيل، بدءا من افتراض البراءة. انضمت البحرين إلى العهد في 20 سبتمبر/أيلول 2006. يؤكد دستور البحرين أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته". توصلت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" التابعة للأمم المتحدة، التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي، إلى أن "ثمة أهمية خاصة للالتزام الصارم بضمانات المحاكمة العادلة في حالة المحاكمات التي تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام".
تحظر المادة 7 من العهد الدولي التعذيب وسوء المعاملة، وتنص المادة 14 (3)(ز) على "ألا يُكره ]أي متهم[ على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب". والبحرين أيضا دولة طرف في "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (اتفاقية مناهضة التعذيب). كما يحظر دستور البحرين التعذيب وسوء المعاملة، واستخدام الاعترافات المنتزعة بالإكراه ضد المتهمين في المحاكمة. يتضمن "قانون الإجراءات الجنائية" البحريني نفس الحظر على قبول الاعترافات المنتزعة بالإكراه وغيرها من الشروط الأساسية للمحاكمة العادلة، كالوصول إلى محام والحق في استجواب شهود الادعاء.
في الملاحقات القضائية التي نتج عنها أحكام بالإعدام والتي يدرسها هذا التقرير، تقاعست المحاكم البحرينية بشكل واضح عن حماية الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة على النحو المنصوص عليه في القانونين الدولي والبحريني. وفي قضايا أخرى، أصدرت المحاكم أحكاما بالإعدام لتهم لا تنطوي على أخطر الجرائم، مثل جرائم المخدرات غير العنيفة، في انتهاك للقانونين الدولي والبحريني.
يوثّق هذا التقرير، في حالة تلو الأخرى، أن المحاكم أدانت متهمين بجريمة القتل وحكمت عليهم بالإعدام استنادا بشكل كبير، أو فقط، على اعترافات زعم المتهمون المنفردون أو المتعددون في القضية أنها انتُزعت منهم بالإكراه من خلال التعذيب وسوء المعاملة. في هذه القضايا، تقاعست المحاكم مرارا وتكرارا عن مراعاة الالتزامات في القانونين الدولي والبحريني التي تقضي بأن على المحاكم ضمان إجراء تحقيقات نزيهة في أي مزاعم بشأن التعذيب أو سوء المعاملة، وأنه لا يمكن قبول الاعتراف كدليل في الدعوى، إلا بعد أن يجد تحقيق جدّي أن مزاعم التعذيب باطلة. وقد شابت هذه القضايا انتهاكات أخرى لحقوق أساسية، منها الحق في الاستعانة بمحام والحق في مواجهة شهود الادعاء. لهذه الأسباب، من الواضح أن الدولة لم تحترم مبدأ قرينة البراءة في قضايا القتل الست المفصلة أدناه، والتي أسفرت عن حكم على ثمانية أشخاص بالإعدام.
في القضايا التي يدرسها هذا التقرير بالتفصيل، كانت الجرائم المنسوبة إلى المتهمين خطيرة، وتشمل عادة وفاة شرطي في احتجاجات عنيفة. هؤلاء الأشخاص الثمانية هم من بين 26 محكوما عليهم بالإعدام حاليا في البحرين، وقد استنفدوا جميع سبل الاستئناف. يمكن إعدامهم بمجرد تصديق الملك على أحكامهم.
لم تقابل مستوى خطورة التهم في هذه القضايا أي جدية في الملاحقات والأحكام القضائية التي أسفرت عن أحكام الإعدام. تضمنت كل الحالات مزاعم ذات مصداقية بشأن اعترافات انتُزعت تحت التعذيب وسوء المعاملة، وغالبا ما كانت مدعومة بفحوصات طبية عابرة أجراها أطباء الحكومة. في بعض الحالات، بدا أن المدعين العامين متواطئون في هذه الانتهاكات. في جميع الحالات، تقاعست النيابة العامة والمحاكم عن إجراء تحقيق جدّي أو إثبات نتائج تلك التحقيقات التي أجريت في ظل مزاعم التعذيب وسوء المعاملة.
في إحدى الملاحقات التي تمت مراجعتها أدناه، اعتقلت الشرطة ماهر عباس الخباز على خلفية مقتل شرطي في فبراير/شباط 2013. زعم الخباز أن عناصر الأمن علّقوه في الهواء بقضيب معدني وضربوه في محاولة لإجباره على الاعتراف. خلص طبيب شرعي من النيابة العامة إلى أن إصابة الخباز بجروح تتفق مع مزاعمه. كما اعتقلت الشرطة شقيق الخباز، فاضل، على خلفية القضية نفسها. قال فاضل إن عناصر الشرطة ركلوه وعلّقوه في الهواء وضربوه بأداة صلبة حتى وقّع "اعترافا" لم يُسمح له برؤيته. وأشار تقرير طبي إلى أن فاضل أصيب بجروح تتفق مع مزاعمه بشأن سوء المعاملة.
حكمت المحكمة على ماهر الخباز بالإعدام في فبراير/شباط 2014، بناء على اعترافات مزعومة ورطته أدلى بها فاضل ومتهمون آخرون عدة، زعموا أيضا أنها انتُزعت تحت الإكراه. لم تتخذ المحكمة أي خطوات للتحقيق فيما إذا كانت الاعترافات طوعية أم لا، وكتبت أنه لا يوجد دليل على أن أي انتهاك "تم بقصد [الإكراه] على الاعتراف". وهكذا، ركّزت المحكمة على نوايا عناصر الشرطة الذين زُعم أنهم عذبوا المتهمين، وليس على الأسئلة الحاسمة حول ما إذا كان المتهمون قد تعرضوا للتعذيب وما إذا كانت الاعترافات نتجتعن التعذيب.
أيّدت محكمة استئناف بإجراءات موجزة إدانة ماهر الخباز، لكن في ديسمبر/كانون الأول 2015، نقضت محكمة التمييز الحكم بسبب مخاوف بشأن الاعترافات، وأمرت محكمة الاستئناف بالتدقيق في مزاعم سوء المعاملة. تجاهلت محكمة الاستئناف هذا التوجيه وخلصت للمرة الثانية إلى أن الإدانات كانت صحيحة، على الأسس نفسها التي أشارت إليها في قرارها الأول. في يناير/كانون الثاني 2018، أكدت محكمة التمييز بشكل غير مفهوم قرار الاستئناف الثاني على الرغم من أنها لم تفعل شيئا لمعالجة العيوب التي حددتها محكمة التمييز سابقا. نتيجة لذلك، ينتظر الخباز اليوم تنفيذ حكم الإعدام فيه.
في قضية أخرى، ألقت الشرطة القبض على زهير إبراهيم جاسم عبد الله في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 لتورطه المزعوم في قتل شرطي. زعم عبد الله أن عناصر الأمن نزعوا ملابسه وحاولوا اغتصابه، وصعقوه بالكهرباء في صدره وأعضائه التناسلية، وحرموه من النوم لعدة أسابيع، وهددوه باغتصاب زوجته. قبل محاكمته، قدم عبد الله شكاوى إلى "الأمانة العامة للتظلمات" التابعة لوزارة الداخلية و"وحدة التحقيق الخاصة"، وهما هيئتان حكوميتان مسؤولتان عن التحقيق في الانتهاكات المزعومة. وفقا لعبد الله، بحسب ما ادعى في شكواه، فقد أدلى باعترف زائف لوقف التعذيب الذي كان يمارسه عليه رجال الشرطة.
أثناء محاكمته، قال عبد الله إن اعترافه انتُزع بالإكراه وإنه يجب وقف النظر في القضية حتى تكتمل التحقيقات في وحدة التحقيق الخاصة وأمانة التظلمات. رفضت المحكمة هذا الطلب ومزاعم التعذيب، مشيرة في حكمها إلى أن "التحريات... تضمنت مقومات جديتها والتي تبعث على الاطمئنان لصحة ما جاء بها". حكمت المحكمة على عبد الله بالإعدام في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بناء على اعترافاته بشكل شبه كامل.
رفضت محكمة الاستئناف الطعن الذي تقدم به عبد الله، بما في ذلك الحجج المتعلقة بالإكراه، ووجدت أن الحكم موضوع الطعن "تكفل بالرد على النحو السائغ والسليم" على تلك الحجج. وخلصت محكمة الاستئناف كذلك إلى أنه كان من المناسب عدم تأجيل القضية لأن شكاوى عبد الله "ما زالت قيد التحقيق" – وهو السبب الذي كان يجب بموجبه تعليق القضية. أيّدت محكمة التمييز الحكم في يونيو/حزيران 2020.
في فبراير/شباط 2014، اعتقل رجال شرطة محمد رمضان وحسين موسى على خلفية وفاة شرطي قبل ذلك بعدة أيام. زعم رمضان وموسى أن عناصر الأمن عرّضوهما للتعذيب وسوء المعاملة بشكل متكرر أثناء احتجازهما لإجبارهما على الاعتراف زورا بتدبير قتل الشرطي. خلص أطباء من وزارة الداخلية والنيابة العامة إلى أن موسى أصيب بجروح مختلفة في الأيام التي أعقبت اعتقاله – وهي إصابات تتفق مع مزاعم موسى أنه تعرض للإيذاء الجسدي.
الدليل الوحيد لإدانة رمضان وموسى هو اعترافاتهما واعترافات أربعة متهمين آخرين زعموا أيضا أنهم أُجبروا على الاعتراف. لم يردّ حكم المحكمة التي تجري المحاكمة على حجج رمضان حول الإكراه ولم يذكر حتى أن المتهمين الأربعة قد ادّعوا تعرضهم للإكراه. رفضت المحكمة حجج موسى لأسباب تتعارض مع السجلات الطبية، ولا تتفق مع الرواية في شكاوى موسى بشأن التعذيب، وتتناقض مع تصريحات لاحقة للحكومة البحرينية. أدانت المحكمة رمضان وموسى وحكمت عليهما بالإعدام.
أيدت محكمتا الاستئناف والتمييز الحكمين. لكن، بعد ذلك، وافقت محكمة التمييز على طلب النيابة العامة إعادة فتح القضية، بناء على تحقيق سابق، لم يكن قد كُشف عنه، أجرته وحدة التحقيق الخاصة وأثار تساؤلات جدية بشأن تعرّض رمضان وموسى لسوء المعاملة. في الدعوى الثانية، رفضت محكمة الاستئناف مجددا حجج الإكراه، معتمدة كليا على قرار الاستئناف الأول، الذي صدر قبل نتائج تحقيق وحدة التحقيق الخاصة التي أدّت إلى الإجراءات الثانية. في يوليو/تموز 2020، أيّدت محكمة التمييز حكمَي الإعدام بحق رمضان وموسى.
في كل من هذه القضايا وغيرها من تلك المفصّلة في التقرير، اعتمدت المحاكم على الاعترافات باعتبارها الدليل الوحيد أو الأساسي للحكم على الأشخاص بالإعدام، بينما لم تتعامل بجدية مع مزاعم تعرض المتهمين أنهم تعرضوا للتعذيب واعترفوا تحت الإكراه. في كل قضية، رفضت المحاكم هذه الحجج، وخلصت على عجل إلى عدم حدوث انتهاك بناء على تحليلات مليئة بالتناقضات أو تتعارض مع أدلة لا خلاف عليها. تقاعست المحاكم البحرينية على جميع المستويات عن الوفاء بالتزاماتها بالتحقيق في تقارير التعذيب أو الانتهاكات الأخرى وحظر استخدام الاعترافات بالإكراه كدليل.
من الصعب تجنب الاستنتاج أن السلطات البحرينية في هذه القضايا، التي انتهت جميعها بوضع المحكومين في عنبر الإعدام، انتهكت الحظر المفروض على التعذيب وسوء المعاملة. كما أن من الصعب تجنب الاستنتاج أن المحاكم البحرينية خرقت التزاماتها بموجب القانونين الدولي والبحريني بالتحقيق في مثل هذه الانتهاكات واحترام الحقوق الأساسية في الحصول على محاكمة عادلة. ونتيجة لذلك، لا يوجد أساس شرعي للاستنتاج أن الدولة قد احترمت افتراض البراءة في هذه القضايا.
تتجلى الطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات الخطيرة من خلال القواسم المشتركة الأخرى الموجودة بين القضايا. أولا، زُعم أن الكثير من التعذيب وسوء المعاملة الموصوفَين في هذا التقرير قد حدث في مكانين – "الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية" (إدارة المباحث) التابعة لوزارة الداخلية، ومقرها مجمع في منطقة العدلية في المنامة، و"الأكاديمية الملكية للشرطة"، الواقعة بجوار "سجن جو". كما أن هناك أوجه تشابه كبيرة في أشكال التعذيب وسوء المعاملة التي وصفها المتهمون الثمانية. فقد زعم الجميع أن عناصر الأمن ضربوهم بقبضات اليد. وأفاد سبعة أن رجال الشرطة استهدفوا أعضاءهم التناسلية باللكمات، والركلات، والصعق الكهربائي. وصف أربعة منهم الحرمان من النوم والتهديدات الموجهة لإيذاء أفراد أسرهم، منها التهديد بالاغتصاب. وقال العديد إن رجال الشرطة علقوهم في الهواء.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه القضايا مشوبة بانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي وفي القانون البحريني. في جميع القضايا الست، يبدو أن المتهمين لم يتمكنوا من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب أو الحصول على التمثيل من محام كما يجب أثناء المحاكمة. في حالتين، لم يتم تزويد المتهمين بالمواد التي استخدمها الادعاء في المحاكمة؛ في إحدى الحالات، تكونت المعلومات من تقرير إدانة يعتمد على مصادر سرية لم يتمكن الدفاع من استجوابهم. وفي قضية أخرى، لم تسمح المحكمة بالاستماع إلى شهود الدفاع.
الأفراد الذين يناقش هذا التقرير حالاتهم مسجونون حاليا وينتظرون الإعدام في سجن جو، المبنى 1، جناح العزل في السجن.
كما ذُكر، منذ 2018، أصدرت المحاكم البحرينية أيضا حكما بالإعدام على خمسة أفراد على الأقل في جرائم مخدرات غير عنيفة مثل نقل الحشيش، أو بيعه، أو حيازته. مثل هذه الجرائم، حتى لو كانت تنطوي على كميات كبيرة من المخدرات، لا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفها ضمن "أشد الجرائم خطورة". ثلاثة من أصل 26 شخصا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم في سجن جو أدينوا بتهم تتعلق بالمخدرات.
انتهاكات حقوق الإنسان التي تكمن وراء أحكام الإعدام في هذا التقرير، بما فيها حظر التعذيب والحرمان من حقوق المحاكمة العادلة، خطيرة إلى درجة أنها ترقى إلى مستوى انتهاكات الحق في الحياة ولا تعكس نظاما للعدالة، بل نمطا من الظلم.
ينبغي لحكومة البحرين أن تعيد رسميا الوقف الفعلي للإعدامات القضائية الذي انتهى في 2017، وأن تتخذ خطوات لتجريم عقوبة الإعدام رسميا في جميع الظروف. كخطوة أولى، ينبغي للملك حمد بن عيسى آل خليفة أن يخفف أحكام الإعدام الصادرة بحق جميع الأشخاص، بدءا من المدانين بناء فقط، أو بشكل رئيسي، على اعترافات زعموا في المحكمة أنها منتزعة بالإكراه. ينبغي إلغاء الأحكام بحق هؤلاء الأشخاص والإفراج عنهم، أو إعادة محاكمتهم في حال وجود أدلة أخرى غير الاعترافات، وذلك في إجراءات قضائية تفي بالمعايير الدولية للإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة. كما ينبغي للملك أن يخفف أحكام الإعدام الصادرة بحق المدانين بجرائم مثل جرائم المخدرات التي لا ترقى إلى حد "أشد الجرائم خطورة"، وينبغي إعادة الحكم على هؤلاء الأشخاص. علاوة على ذلك، ينبغي للحكومة أن تلغي المادة 30 من القانون 15/2007 التي تسمح بعقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات.
ينبغي للملك حمد تعيين لجنة مستقلة للتحقيق والإبلاغ عن حالات خرق حظر التعذيب من قبل الجهات الأمنية والقضائية، بما في ذلك استخدام النيابة العامة للأدلة التي انتُزعت عن طريق التعذيب أو سوء المعاملة في القضايا الجنائية. على السلطات البحرينية مقاضاة أي مسؤول أمني أو عضو في النيابة العامة يتبين أنه مسؤول عن ارتكاب أعمال التعذيب وسوء المعاملة أو التغاضي عنها، و/أو فرض إجراءات تأديبية عليه.
علاوة على ذلك، ينبغي للحكومة إلغاء جميع الإدانات الصادرة بحق الأشخاص الذين تضمنت محاكماتهم انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة المحمية بموجب القانونين الدولي والبحريني، مثل الحق في الاستعانة بمحام خلال جميع مراحل الإجراءات الجنائية (بما في ذلك الاستجوابات)، والحق في الوصول إلى مواد الادعاء، والحق في استجواب الشهود.
ينبغي إطلاق سراح هؤلاء السجناء أو إعادة محاكمتهم إذا كان لدى الحكومة أدلة على جرائم لا تعتمد على الاعترافات التي يزعم أنها انتزعت تحت الإكراه، وينبغي إجراء أي محاكمات تبعا لإجراءات قضائية تفي بجميع المعايير القانونية ذات الصلة.
ينبغي للحكومة أن توجه دعوة دائمة إلى جميع خبراء الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة، بمن فيهم "المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين"، وأن تقبل طلب الزيارة المعلق من "المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة". إضافة إلى ذلك، ينبغي للحكومة المصادقة على "البروتوكول الاختياري للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب"، والذي يسمح للخبراء الدوليين بإجراء زيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز وينص على إنشاء هيئة تفتيش مستقلة.
التوصيات
إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة
· تخفيف أحكام الإعدام بحق جميع الأفراد، بدءا بالمدانين بناء على اعترافات يُزعم أنها نتجت عن التعذيب أو سوء المعاملة، وأولئك الذين حُكم عليهم بالإعدام في جرائم ليست من بين أشد الجرائم خطورة، كجرائم المخدرات.
· إصدار مرسوم يعيد التأكيد على الحظر الوارد في دستور البحرين وقوانينها على جميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة، والتعبير عن نية محاسبة المسؤولين الأمنيين وغيرهم من المسؤولين الحكوميين المتهمين بارتكاب مثل هذه الأعمال أو التغاضي عنها.
· إعادة فرض وقف لأحكام الإعدام وتنفيذها بهدف إلغاء استخدام عقوبة الإعدام في البحرين.
· إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق والإعلان عن انتهاكات حظر التعذيب من قبل المسؤولين الأمنيين والقضائيين، بما يشمل استخدام النيابة العامة للأدلة التي تم الحصول عليها من خلال التعذيب أو سوء المعاملة في القضايا الجنائية المعروضة في هذا التقرير وغيرها.
إلى السلطات البحرينية
· إلغاء الأحكام الصادرة بحق جميع الأشخاص الذين تضمنت إدانتهم استخدام الاعترافات المنتزعة بالإكراه و/أو الانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة. كما ينبغي إطلاق سراحهم أو إعادة محاكمتهم أمام محكمة تلتزم بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة وتحترم افتراض البراءة.
· إلغاء المادة 30 من القانون رقم 15 لسنة 2007 التي تنص على إمكانية إيقاع عقوبة الإعدام على الأفراد المدانين بجرائم مخدرات.
· ضمان إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في جميع المزاعم القائلة إن المسؤولين أو العملاء الحكوميين ارتكبوها، أو أمروا بها، أو تقاعسوا عن منعها أو المقاضاة عليها، أو أعانوا بأي شكل آخر على أفعال التعذيب أو سوء المعاملة.
· التحقيق مع المسؤولين والموظفين الذين تثبت مسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم التعذيب وسوء المعاملة أو الأمر بها أو عدم مقاضاتها أو الإعانة في ارتكابها، بغض النظر عن المنصب أو الرتبة، بمن فيهم أعضاء النيابة العامة والمسؤولون الأمنيون، ومقاضاتهم.
· تبني إجراءات تأديبية وغيرها لردع التعذيب أو سوء المعاملة بحق المشتبه بهم المحتجزين من خلال محاسبة المسؤولين والعملاء المتهمين بشكل موثوق بارتكاب مثل هذه الأفعال، أو الأمر بها، أو التقاعس عن منعها أو مقاضاتها، أو الإعانة عليها بأي شكل آخر.
· تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يتطلب فحصا طبيا عاجلا من قبل طبيب مستقل (ليس الطبيب الشرعي التابع للنيابة العامة) لأي مشتبه به أو متهم يدعي أنه تعرض للتعذيب أو سوء المعاملة من قبل عملاء الحكومة.
· التصديق على البروتوكول الاختياري للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الذي يسمح للخبراء الدوليين بإجراء زيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز وينص على إنشاء هيئة تفتيش مستقلة.
· توجيه دعوة دائمة لزيارة البحرين إلى جميع خبراء الإجراءات الخاصة التابعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بمن فيهم المقرران الخاصان، المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمعني باستقلال القضاة والمحامين.
إلى النيابة العامة
● إنهاء الملاحقات القضائية الجارية المستندة فقط أو بشكل أساسي إلى اعترافات يُزعم أنها انتُزعت تحت التعذيب أو سوء المعاملة، ما لم يتم التأكد من بُطلان هذه المزاعم من خلال تحقيقات مستقلة ونزيهة، وعدم إجراء محاكمات مستقبلية مشابهة.
● إنهاء المطالبة بعقوبة الإعدام.
● التحقيق مع أعضاء النيابة العامة وغيرهم من مسؤولي إنفاذ القانون الذين تواطؤوا، في القضايا الجنائية المدروسة في هذا التقرير وغيرها، في الحصول على أدلة من خلال التعذيب وسوء المعاملة أو تقاعسوا عن الإبلاغ عن مزاعم الحصول على أدلة من خلال التعذيب أو سوء المعاملة، وإحالة من تثبت مسؤوليتهم إلى الملاحقة الجنائية.
● التحقيق بخصوص الاعترافات المشوبة بالتعذيب كأدلة في المحكمة.
إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان
· تعليق المفاوضات بشأن أي برنامج لبناء القدرات الفنية حتى تمتثل البحرين للتوصيات الواردة في هذا التقرير، وتقبل طلب الزيارة المعلق من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب.
إلى الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
· دعم قرار بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين يتضمن دعوة للإفراج عن الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام بناء على اعترافات يُزعم أنها انتُزعت تحت التعذيب أو سوء المعاملة، وتخفيف أحكام الإعدام المفروضة على صلة بجرائم المخدرات.
· دعوة البحرين خلال الاستعراض الدوري الشامل القادم في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى تسهيل دخول خبراء الإجراءات الخاصة التابعين لمجلس حقوق الإنسان، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.
· لفت الانتباه إلى حالة حقوق الإنسان في البحرين وإثارة المخاوف خلال اجتماعات المجلس ومناقشاته، بما في ذلك خلال "الحوارات التفاعلية" مع المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة ذات الصلة ومن خلال البيانات الفردية أو المشتركة في إطار الفصلين الثاني والرابع.
إلى المقرَرين الخاصَيْن، المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمعني باستقلال القضاة والمحامين
· إصدار تذكير بشأن طلبات الزيارة العالقة أو طلب دعوة من حكومة البحرين لتنظيم بعثات إلى البلاد.
إلى حكومة الولايات المتحدة
● حثّ حكومة البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية على تنفيذ التوصيات الواردة في هذا التقرير.
● تقييد مبيعات الأسلحة والتعاون الأمني إلى أن تطبق البحرين التوصيات الواردة في هذا التقرير وتمتثل لها، بما في ذلك إصدار دعوة دائمة لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وحدوث هذه الزيارة.
● حثّ حكومة البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية، بما في ذلك خلال الاجتماعات رفيعة المستوى وفي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على وقف جميع الإعدامات والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.
إلى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء
· حثّ حكومة البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية، بما في ذلك خلال الاجتماعات رفيعة المستوى وفي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على وقف جميع الإعدامات والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.
· ضمان التنفيذ الصارم لإرشادات حقوق الإنسان المعمول بها في "الاتحاد الأوروبي"، بما فيها تلك المتعلقة بعقوبة الإعدام وتلك المتعلقة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
· تعليق الحوار الثنائي حول حقوق الإنسان إلى أن تتخذ البحرين خطوات ملموسة لتنفيذ التوصيات الواردة في هذا التقرير.
· النظر في فرض إجراءات مستهدِفة ضد المسؤولين البحرينيين المسؤولين عن الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير وعلى النحو الموصى به من قبل "البرلمان الأوروبي" في قراره الصادر في مارس/آذار 2021.
إلى حكومة المملكة المتحدة
● حثّ حكومة البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية على تنفيذ التوصيات الواردة في هذا التقرير.
● تعليق التمويل والدعم والمساعدة الفنية والتدريب للأجهزة الأمنية والإصلاح القضائي إلى أن تطبق البحرين التوصيات الواردة في هذا التقرير وتمتثل لها، بما في ذلك توجيه دعوة دائمة لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وحدوث هذه الزيارة
المنهجية
توثق "هيومن رايتس ووتش" تطورات حقوق الإنسان في البحرين منذ 1996. يحقق "معهد البحرين للحقوق والديمقراطية"، الذي تأسس في 2013، في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين ويدافع عن حماية حقوق الإنسان والمساءلة الفعالة والإصلاح الديمقراطي في البحرين.
لدى هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية قدرة محدودة جدا على إجراء بحوث في البحرين. آخر مرة تمكنت فيها هيومن رايتس ووتش رسميا من إجراء بحوث في البحرين كانت في أوائل 2013. ومنذئذ رفضت الحكومة البحرينية أو تجاهلت طلبات الحصول على تأشيرات لزيارة البلاد لأغراض مراقبة المحاكمات، أو التحقيق في الانتهاكات الحقوقية، أو الاجتماع مع المسؤولين الحكوميين.
لذا، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية من مراقبة إجراءات المحاكمة، أو مقابلة المتهمين أو محامي الدفاع أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود فيما يتعلق بالقضايا الواردة في هذا التقرير. إلا أن المنظمتين تمكنّتا من التواصل مع بعض هؤلاء الأفراد عن بعد، بمن فيهم جميع المتهمين باستثناء واحد. بالإضافة إلى ذلك، أمنّا وثائق المحكمة لكل قضية، بما فيها الأحكام، وغيرها من الوثائق الصادرة عن موظفي الحكومة البحرينية، كتقارير الطب الشرعي بشأن شكاوى التعذيب وسوء المعاملة التي رفعها بعض المتهمين، والتي ترجمتها هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية من العربية لأجل كتابة التقرير. لكل قضية مفصلة أدناه، تمكنّا من بناء تحليلنا في المقام الأول على المواد التي قدمتها الحكومة البحرينية، وليس فقط على دفاع المحامين أو المتهمين أو غيرهم.
في 7 فبراير/شباط 2022، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزيرَي العدل والداخلية والنائب العام البحرينيِّين، تطلب ردودهم على مزاعم سوء المعاملة والتعذيب المفصلة في هذا التقرير إضافة إلى بعض أحكام المحاكم. لغاية تاريخ نشر التقرير، لم نكن قد تلقينا ردا على هذه الطلبات.
جميع الوثائق التي تمت مراجعتها لأجل إعداد هذا التقرير محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية.
الإطار القانوني
يفرض القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي، والبحرين طرف فيه، قيودا صارمة على استخدام عقوبة الإعدام. لاحظت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي، أن "ثمة أهمية خاصة للالتزام الصارم بضمانات المحاكمة العادلة في حالة المحاكمات التي تفضي إلى فرض عقوبة الإعـدام".[1]
من الضمانات الأساسية للمحاكمة الجنائية العادلة، المحمية بموجب القانونين الدولي والبحريني، افتراض البراءة.[2] وهذا يعني أنه يجب معاملة المدعى عليه على أنه بريء ما لم تتم إدانته بجريمة معترف بها وفقا لمعايير المحاكمة العادلة وحتى يتم ذلك. وعلى الدولة إثبات ذنب المدعى عليه في التهم بما لا يدع مجالا للشك لضمان الإدانة.[3] كما حكمت إحدى المحاكم في قضية نوقشت في هذا التقرير، "العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة أو اطمئنانها إلى الدليل المقدم لديها ولها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت".[4]
يحمي القانون الدولي والبحريني ضمانة أساسية أخرى وهي الحق في الحصول على الوقت الكافي والتسهيلات لإعداد الدفاع. وهذا يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، الحق في توكيل محام في جميع مراحل الإجراءات، بما يشمل الاستجوابات.[5] ينص القانون البحريني تحديدا على حق المتهم ومحاميه في حضور جميع إجراءات التحقيق، وأن على أعضاء النيابة العامة "إخطارهم [المتهم والمحامي] باليوم الذي تباشر فيه إجراءات التحقيق وبمكانها".[6] لا يُسمح لأعضاء النيابة العامة باستجواب المتهم دون دعوة المحامي للحضور، إلا في حالات "التلبس والاستعجال بسبب الخوف من ضياع الأدلة".[7] كما ينص القانون البحريني على أنه، في جميع الأحوال، لا يجوز فصل المتهم عن محاميه "أثناء التحقيق".[8]
الحق الأساسي في إعداد دفاع يشمل أيضا حق الاطلاع على جميع المواد التي ينوي الادعاء تقديمها في المحكمة ضد المتهم.[9] ينص القانون البحريني على أنه، أثناء التحقيق، يحق للمتهم أن يطلب، على نفقته، "صورا من الأوراق أيا كان نوعها إلا إذا كان التحقيق حاصلا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بذلك".[10] يحق لمحامي المتهم الاطلاع على هذه المواد قبل يوم واحد على الأقل من استجواب عضو النيابة العامة للموكل.[11]
الحق في إعداد الدفاع يشمل أيضا الحق في استدعاء الشهود واستجوابهم. بموجب مبدأ "تكافؤ الفرص القانونية"، يجب أن تتاح لكلا الطرفين فرصة مماثلة لعرض قضيتهما.[12] وهذا يتطلب السماح للمدعى عليه باستجواب شهود الادعاء، واستدعاء شهود الدفاع في الظروف نفسها التي تستدعي فيها الدولة شهودها.[13]
كما يحمي القانونان الدولي والبحريني حق المدعى عليه في عدم إكراهه على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب.[14] وفي السياق ذاته، يجب ألا يتعرض المتهم للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من أي نوع.[15] الإفادات، بما في ذلك الاعترافات وغيرها من الأدلة المنتزعة تحت التعذيب أو الإكراه غير مقبولة في المحكمة.[16] تنص المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية البحريني على أن "كل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه".[17] تشترط اتفاقية مناهضة التعذيب إجراء تحقيق سريع ونزيه في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن تعرض المدعى عليه للتعذيب أو سوء المعاملة.[18] في 2012، أنشأت الحكومة البحرينية الأمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة التابعة للنيابة العامة للتحقيق في مزاعم التعذيب.[19]
توضح القضايا المفصلة في هذا التقرير تقاعس البحرين بشكل واضح عن دعم الحقوق الأساسية للمتهمين الذين حُكم عليهم بالإعدام – بما في ذلك الحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، فضلا عن العديد من الحقوق المتعلقة بالإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة.
قضية ماهر عباس الخباز
اعتقال عباس الخباز وادعاءات إساءة معاملته وتعذيبه شارك ماهر عباس الخباز، الذي كان عمره 27 عاما وقت اعتقاله، في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي بدأت في فبراير/شباط 2011.[20] قال الخباز إنه في 19 فبراير/شباط 2013، اعتقله أفراد من قوات الأمن البحرينية بملابس مدنية دون مذكرة اعتقال في "فندق غولدن توليب" في المنامة، حيث كان يعمل، حوالي الساعة 11 ليلا.[21] قال: "أمسكوا بي وأخذوني إلى سيارة.[22] سألوني عن اسمي وأجبتهم. ثم أغلقوا عينيّ وأخذوني إلى مركز [شرطة] مدينة حمد".[23]
قال الخباز إن قوات الأمن اقتادته "ليس [إلى داخل] مركز الشرطة نفسه"، ولكن إلى ملحق خارج "مركز شرطة مدينة حمد" الرئيسي، حيث استجوبوه عما إذا كان عضوا في "جمعية الوفاق" أو "ائتلاف 14 فبراير".[24] قال الخباز إن رجل أمن اتهمه "بقتل شرطي" بقاذف إشارة ضوئية قبل خمسة أيام، في 14 فبراير/شباط، أثناء مظاهرة في منطقة السهلة الشمالية.[25] وقال ماهر: "أنكرت ذلك وبعد ذلك زاد عدد الأشخاص الذين يستجوبوني".[26] قال الخباز إن العناصر "قاموا بتعليقي بواسطة انبوب حديدي من بين أرجلي وبدأ الضرب و قاموا بنزع حذائي وجواربي ووضعها في فمي واستمر الضرب بأنبوب بلاستيكي لساعات طويلة على جميع أنحاء جسمي. وبقيت بضعة أيام على هذا الحال حتى لم يعد الدم يصل إلى قدميّ".[27]
قال رجل الأمن للخباز إنه "سيوصي الشفت القادم [العناصر في النوبة التالية] بأن يستمروا في تعليقي" حتى يعترف.[28] قال الخباز: "بعد عدة أيام تعبت من التعذيب وتم منع الطعام والماء عني وبعد ذلك أخبرتهم بأنني سأعترف.[29] لم يسمحوا لي بتناول الطعام أو الماء. بعد ذلك أخبرتهم [رجال الأمن] أنني سأعترف".[30] قال الخباز إنه قدم لهم معلومات كاذبة "لكسب بعض الوقت وأخذ راحة من التعذيب.[31] عندما اكتشفوا أنني كذبت عليهم، استأنفوا تعذيبي لبضعة أيام. ثم ساء وضعي".[32]
بعد ذلك اقتاد عناصر الشرطة الخباز إلى النيابة العامة، حيث قال: "سألني وكيل النيابة عن سبب تعبي. فأخبرته بأنه من التعذيب الذي تعرضت له. قال إنني إذا لم أعترف فسأرجع للتعذيب فأمر بإخراجي من الغرفة".[33] وفقا لرسالة من الحكومة إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حدث ذلك في 21 فبراير/شباط 2013، بعد يومين من اعتقال الخباز.[34] نقل عناصر الأمن الخباز إلى "مستشفى القلعة" لليلة واحدة، ثم إلى "مستشفى قوة دفاع البحرين" حيث أمضى أربع ليال وتلقى العلاج الطبي.[35]
أعاد عناصر الأمن الخباز إلى النيابة العامة حوالي الساعة 1 صباح 25 فبراير/شباط. قال الخباز إنه لم يدلِ بأي اعتراف للنيابة العامة.[36]
لاحقا في 25 فبراير/شباط 2013، فحص طبيب شرعي من النيابة العامة الخباز. وصف تقرير الطب الشرعي للطبيب "سحجين غير محددي الشكل بأبعاد 1 × 1سم يقعان بوحشية أسفل الساعد الأيسر [للخباز] ووحشية المرفق الأيسر [للخباز]"، وذكر أن الخدوش كانت "إصابات احتكاكية حدثت من احتكاك سطح الجلد بجسم صلب ذو سطح خشن".[37] وتكهن الطبيب الشرعي بأن إصابات الاحتكاك ربما حدثت "في تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة"، في إشارة إلى اعتقال الخباز.[38] تمت مراجعة تقرير الطب الشرعي لاحقا من قبل أحد أعضاء "الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي"، والذي وجد أنه "تقييم موجز وسطحي" و"بعيد جدا عن المعايير المقبولة".[39]
قال الخباز إنه، بعد الفحص الطبي، نقله العناصر إلى "مركز شرطة الخميس"، حيث "قام عدد من الشرطة بضربي".[40] ثم أعادوه إلى مركز شرطة مدينة حمد. قال إنه بعد يومين، نقله العناصر إلى "سجن الحوض الجاف" ووضعوه في الحبس الانفرادي يومين.[41] قال: "قاموا بالتحرش جنسيا.[42] واحد من معذيبيني قال، سوف أجعلك تعترف. أمر آخر بإحضار عصا وصابون وحاول نزع بنطالي".[43] قال الخباز إنه قاوم جسديا وتوقف الحراس.[44] قال إنه ظل رهن الحبس الاحتياطي في سجن الحوض الجاف عدة أشهر، حيث شعر بالألم من الإصابات التي نتجت عن الانتهاكات التي تعرض لها.[45]
قال أحد أفراد أسرة الخباز إن الأخير لم يلتقِ قط بمحاميه وجها لوجه أو يتمكن من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب أو في أي وقت خلال فترة احتجازه.[46]
اعتقال فاضل الخباز وادعاءات إساءة معاملته وتعذيبه
قال شقيق ماهر الخباز، فاضل الخباز، إنه حوالي الساعة 2 صباح 20 فبراير/شباط 2013، اعتقلته قوات الأمن واقتادته إلى مركز شرطة مدينة حمد. قال: "أخذوا يديّ وقيّدوهما خلف ظهري.[47] نزع أحد [رجال الشرطة] لثامه وقال’ انظر إلى وجهي، لست خائفا منك ولا مما قد تفعله‘إلى هذا اليوم ما زلت أتذكر شكله... ثم تلفظ بكلمات وسخة".[48] قال فاضل إن رجل الشرطة نعته بـ "ولد القحبة" وقال له: "ستعترف سواء طوعا أو قسرا".[49]
وبحسب فاضل، فقد عصب العناصر عينيه قبل أن يضعوا قضيبا معدنيا تحت ركبتيه وربطوا يديه حول ساقيه. وضع رجال الشرطة طرفي القضيب على كرسي أو طاولة، وعلقوه رأسا على عقب. كانوا يلمسونه "في الخلف... ومن الأمام يرفسون خصيتيّ بأرجلهم. كانوا يهددونني إذا لم أعترف، أنهم سيحضرون زوجتي ويفعلون بها".[50] يزعم فاضل أن رجال الشرطة ضربوه على قدميه بما يبدو أنه خرطوم بلاستيكي وضربوه بأداة صلبة على قفا فخذيه. قال فاضل إنه أخبر رجل الشرطة أنه خضع لعملية جراحية في ساقه اليسرى – "عندما علموا بذلك، ضربني ثلاث مرات على قفا فخذي".[51] قال فاضل إنه بعد ذلك أخبر عنصر الأمن: "سأوقّع على أي شيء تريدني أن أقوله، أحضر لي ورقة بيضاء، سأوقعها".[52] لاحقا، عندما كان وحيدا في الغرفة، على حد قوله، تمكن من سحب العصابة لأسفل قليلا ورأى عتلة (قضيب معدني لنزع المسامير)، يعتقد أن المحقق استخدمها في ضرب ساقه.[53]
قال فاضل إن عناصر الأمن علقوه بعد ذلك مرات عدة، وفي النهاية لم يعد يشعر بأي شيء في يديه أو قدميه. قال إنه، في مرحلة معينة، وضع عنصر الأمن ما بدا أنه مقص حول أصابعه وبدأ بالضغط عليه، بينما حثه شخص آخر على قطع أصابعه. "أنا بشر، إلى متى أقاوم؟".[54] قال فاضل إن عنصر الأمن زعم أن ماهر اعترف بأن فاضل أعطاه مسدس الإشارة الضوئية ("قاذف"). قال فاضل: "كان ماهر في نفس الكابينة المقسومة بالنصف، كنت أسمع الضرب الذي يتعرض له، وهو يسمع الضرب الذي أتعرض له".[55] قال إن العناصر وضعوا ورقة أمامه في اليوم التالي ليوقع عليها. قال فاضل، الذي كان معصوب العينين ولم يتمكن من قراءة الوثيقة، إنه وقّع رغم ذلك.[56]
في 25 فبراير/شباط 2013 أو تاريخ قريب منه، فحص طبيب من النيابة فاضل الخباز. وبحسب تقرير الطبيب، "تبينّا وجود سحج شريطي رأسي الوضع طوله حوالي 10 سم وعرض حوالي 2 سم ومغطى بقشرة بنية أجزاء كثيرة منها متساقطة تقع بخلفية أعلى الفخذ الأيسر".[57] يتفق الوصف مع رواية فاضل عن تعرضه للضرب بجسم صلب، ربما العتلة. وأشار تقرير الطب الشرعي إلى أن فاضل الخباز أبلغ الطبيب بأنه "تعرض للتعذيب في ذات اليوم" القبض عليه.[58]
المقاضاة والإدانة
اتهمت الحكومة ماهر الخباز وسبعة آخرين بقتل الشرطي عمدا باستخدام قاذف إشارة ضوئية. اتُهم فاضل الخباز بتزويد ماهر الخباز بالقاذف.[59]
نظرت المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني في القضية المرفوعة ضد ماهر الخباز، وفاضل الخباز، وسبعة متهمين آخرين على صلة بوفاة الشرطي محمد عاصف خان. الدليل الوحيد الذي يورط ماهر بشكل مباشر في أي جانب من جوانب الهجوم الذي قُتل خلاله الشرطي جاء من اعترافات فاضل الخباز وثلاثة متهمين آخرين؛ لا يتضح من وصف المحكمة للاعترافات ما إذا كان أي من المتهمين قد اعترف بمشاهدة ماهر وهو يقتل الشرطي.[60]
قال الدفاع إن الاعترافات التي أدلى بها بعض المتهمين كانت بالإكراه. تجاهلت المحكمة هذه الادعاءات والسجلات الطبية من النيابة العامة، التي وثّقت الإصابات الجسدية لماهر الخباز وفاضل الخباز، ولم تتخذ أي خطوات لضمان الحصول على الاعترافات بشكل صحيح. بدلا من ذلك، خلصت المحكمة بإجراءات موجزة إلى أنها "لا ترى ثمة دليل كافٍ على أن ما بالمتهمين الثاني والتاسع وكذا الأول كان بقصد إكراهه على الاعتراف".[61] بناء على هذا المنطق، الذي يبدو أنه يقبل أن المدعى عليهم قد تعرضوا أو ربما يكونون قد تعرضوا لسوء المعاملة، خلصت المحكمة إلى أن "النعي ببطلان الاعتراف على غير سند".[62]
في 19 فبراير/شباط 2014، أدانت المحكمة ماهر الخباز وحكمت عليه بالإعدام. أدانت المحكمة فاضل الخباز وحكمت عليه بالسجن خمس سنوات.[63] وحكمت على ستة متهمين آخرين بالسجن المؤبد وعلى واحد بالسجن ست سنوات.[64]
في الاستئناف، حاجج المتهمون بعدم وجود أدلة كافية ضدهم، وأن اعترافاتهم انتُزعت تحت الإكراه، وأن استجوابهم تم بغياب محام، وأنه يجب النظر في شكاواهم بخصوص التعذيب قبل الانتهاء من الاستئناف. رفضت محكمة الاستئناف هذه الحجج وأيدت الأحكام في 31 أغسطس/آب 2014، وخلصت إلى أن الحكم مدعوم باعترافات ووثائق أخرى (لم يشر أي منها بشكل مباشر إلى تورط ماهر الخباز في الهجوم على الشرطي). كتبت المحكمة، "ما يثيره الدفاع لا يعدو كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى..."، دون النظر في الأسس المحددة لحجج الدفاع.[65]
على الرغم من غياب أي تحقيق محايد أو شامل في مزاعم الإكراه من قبل ماهر الخباز وفاضل الخباز أو المتهمين الآخرين، فقد خلصت محكمة الاستئناف إلى أن:
كانت محكمة أول درجة قد اطمأنت على اعترافات المستأنفين سالفي الذكر بتحقيقات النيابة وبالاستدلالات بارتكابهم الجرائم موضوع الدعوى كما اطمأنت إلى خلو تلك الاعترافات والإقرارات من شبهة الإكراه من أي نوع... ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص يكون في غير محله.[66]
كما صرّحت محكمة الاستئناف بشكل متسرّع أن "محكمة أول درجة... خلصت إلى توافر أركان الجرائم... بتدليل سائغ يتفق مع وقائع الدعوى وصحيح القانون"، وأن الأدلة كانت كافية للحكم ضد المستأنفين.[67]
لاحقا، في 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، نقضت محكمة التمييز حكم المحكمة.[68] وثّقت محكمة التمييز ادعاءات المتهمين بأن اعترافاتهم انتزعت بالإكراه، مشيرة إلى أن هذه المزاعم مدعومة "بما تخلف لديهم من جرائه من إصابات".[69] وعللت محكمة التمييز أن مزاعم الدفاع بشأن الاعترافات بالإكراه "هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ردا سائغا".[70] وبشكل أكثر تحديدا، صرّحت محكمة التمييز أن على المحكمة:
أن تتولى هي تحقيق دفاعهما وتبحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقوالهما، فإن هي نكلت عن ذلك واكتفت بقولها القاصر إنها لا ترى دليلا كافيا على الإكراه وتأثيره في الأقوال لدى جهات الاستدلال والتحقيق، كل ذلك دون أن تعرض للصلة بين الإصابات... وبين الاعترافات التي عولت عليها، فإن حكمها يكون قاصرا متعينا نقضه.[71]
كما وجدت محكمة التمييز عدم كفاية النتيجة التي توصلت إليها المحكمة بأن الأدلة ضد المتهمين مدعومة باعترافاتهم، وشهادات الشهود، وتقارير الطبيب الشرعي. وبحسب محكمة التمييز، فإنه "لا يكفي مجرد الإشارة إليها [الأدلة التي قبلتها المحكمة الابتدائية]". بل، كان على حكم المحكمة وصف الأدلة "بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم".[72]
وبناء على ذلك، رأت محكمة التمييز بوجوب "نقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد".[73]
تجاهلت محكمة الاستئناف توجيهات محكمة التمييز، وقالت مرة أخرى إن القرار يعود إلى استنتاج المحكمة بأن اعترافات المتهمين كانت صحيحة، وبالتالي أكدت الإدانات والأحكام الأصلية. ذكرت محكمة الاستئناف في حكمها بتاريخ 10 مايو/أيار 2017:
من المقرر أن الأقوال التي يدلي بها المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين تجعله شاهد إثبات.... وكانت محكمة أول درجة قد اطمأنت إلى اعترافات المستأنفين على نحو ما سلف بتحقيقات النيابة العامة وبالاستدلالات بارتكابهم الجرائم موضوع الدعوى كما اطمأنت إلى خلو تلك الاعترافات والإقرارات من شبهة الإقرار المادي والمعنوي... وقد ثبت أن تقارير الطب الشرعي بينت أن أيا من المستأنفين الثالث والرابع والخامس والسادس لا توجد به ثمة إصابات تشير إلى عنف جنائي أو مقاومة أو تماسك مما يؤكد اطمئنان المحكمة بعدم وجود ثمة إكراه شاب إجراءات القبض والتحقيق يعيب إرادة أيا منهم من أقوال أو اعتراف.[74]
ناقض هذا التفسير بشكل مباشر رأي محكمة التمييز. كما تجاهلت محكمة الاستئناف التقارير الطبية من النيابة العامة التي، على الرغم من أنها ضيّقة النطاق وأعدتها جهة غير محايدة، إلا أنها كشفت عن إصابات وادعاءات الإكراه التي قدمها فاضل الخباز (المستأنف التاسع)، الذي اعتمدت المحكمة بشكل كبير على اعترافه المزعوم لإدانة ماهر الخباز بجريمة القتل العمد.
في 29 يناير/كانون الثاني 2018، أيدت محكمة التمييز قرار الاستئناف الثاني هذا، على الرغم من أنها سبق أن ألغت الإدانات بسبب أوجه القصور في قرار محكمة الاستئناف الأول، والذي لم تفعل محكمة الاستئناف شيئا لمعالجتها في قرارها الثاني.[75]
انتهاكات القانون الدولي
تضمنت محاكمة ماهر الخباز انتهاكات عديدة للقانون الدولي – وأحكام مماثلة في القانون البحريني – أولا فيما يتعلق بالانتهاكات التي وصفها هو وشقيقه فاضل الخباز. كما ذُكر، هناك أدلة موثوقة، منها تقارير من الطبيب الشرعي الحكومي، تفيد بأن عناصر الأمن اعتدوا على ماهر وفاضل الخباز وتسببوا لهما بإصابات للحصول على اعترافاتهما. وعلى الرغم من ذلك، ومن أن اعتراف فاضل الخباز والمتهمين الآخرين الذين زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب كانت ركيزة أساسية في حكم المحكمة ضد ماهر الخباز، فإن المحكمة لم تجرِ أي تحقيق، ولم تأمر بإجراء فحوصات طبية مستقلة، ولم تسعَ إلى استجواب المتورطين في الانتهاكات المزعومة، أو حتى استجواب ماهر وفاضل الخباز بشأن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
بل على العكس من ذلك: رفضت المحكمة التي تنظر في القضية المزاعم والأدلة الأخرى المتعلقة بالتعذيب، قائلة إنها "لا ترى ثمة دليل كاف على أن ما بالمتهمين. . . [فاضل الخباز وماهر الخباز] كان بقصد [إكراههما] على الاعتراف".[76] هكذا، اكتفت المحكمة بمناقشة الحالة الذهنية المفترضة للمتهمين بارتكاب انتهاكات، بدلا من الأسئلة المهمة حول ما إذا كانت الانتهاكات قد حدثت فعلا، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كانت قد أدت إلى الاعترافات التي هي محل خلاف. وبهذه الطرق، اعتمدت المحاكم بلا تدقيق على الاعترافات المزعوم انتزاعها بالإكراه، ما يجعل من الواضح أن المدعين لم يلبوا شرط افتراض البراءة في هذه القضايا بشكل مشروع.[77]
علاوة على ذلك، انتهكت البحرين الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة لماهر الخباز، بما في ذلك حقه في الاستعانة بمحام أثناء استجوابه.
في النهاية، تؤكد قرارات محكمتَي التمييز والاستئناف الظلم الجوهري في إدانة ماهر الخباز والحكم بإعدامه. نقضت محكمة التمييز في البداية حكمالخباز، ووجدت أن الإدانة كان تشوبها عيوب قاتلة.لدى إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف، تجاهلت محكمة الاستئناف توجيهات محكمة التمييز فيما يتعلق بكيفية معالجة هذه العيوب، مشيرة إلى أن إدانة الخباز كانت صحيحة استنادا إلى نفس الأسس التي رفضتها محكمة التمييز.
لسبب غير مفهوم، وجدت محكمة التمييز لاحقا الحكم الثاني لمحكمة الاستئناف صحيحا على الرغم من أنه كان مليئا بالعيوب ذاتها التي أدت بمحكمة التمييز إلى رفض حكم محكمة الاستئناف الأول. لا يوجد تفسير قائم على المبادئ لمثل هذه النتيجة، ما يبرز بشكل صارخ أن إدانة ماهر الخباز وحكم الإعدام بحقه كانا غير قانونيين.
قضية سيد أحمد العبار وحسين علي مهدي
حُكم على كل من حسين مهدي وصديقه سيد أحمد العبار، البالغين من العمر 19 و20 عاما وقت اعتقالهما، بالإعدام بعد إدانتهما بقتل شرطي باكستاني في 16 أبريل/نيسان 2016 أثناء مظاهرة في قرية كرباباد.[78] الشرطي المتوفى، محمد نافيد، كان أحد ثلاثة عناصر شرطة زُعم أنهم كانوا في سيارة شرطة أثناء دورية في منطقة كرباباد خلال الاحتجاج. وزعمت النيابة العامة أن العبار ألقى دلو بنزين وألقى مهدي زجاجة "مولوتوف" حارقة على سيارة الشرطة.[79] بحسب تقرير الطب الشرعي، تسبب الحريق الناتج عن الانفجار في مقتل نافيد.[80]
اعتقال سيد أحمد العبّار وادعاءات إساءة معاملته وتعذيبه
في 24 أبريل/نيسان 2016، بحسب العبّار، اعتقله رجال الشرطة واقتادوه إلى الأكاديمية الملكية للشرطة،[81] وهناك، حسبما قال، "لم أنم لما يقرب من 30 ساعة... أجبرني رجال الشرطة على الوقوف مواجهة الحائط. لم يُسمح لي حتى بالاستناد عليه".[82] قال إنه لمدة أسبوع تقريبا كان يقف حوالي 18 ساعة في اليوم وإن الاستجواب كان يستمر "من 10 [صباحا] إلى 2 ونصف [ليلا]".[83] كانوا يتهجمون عليه بشكل دوري بحسب ما قال العبار. "ضربوني حول الأعضاء التناسلية وأذني. ضربوني حول أذني كثيرا".[84] أثناء جلسات الاستجواب هذه، أمره العناصر بالاعتراف بأنه كان ينوي قتل شرطي. خلال هذه الفترة الأولى، اصطحبه عناصر الأمن إلى المبنى 15 من سجن جو كل ليلة.[85]
في 28 أبريل/نيسان 2016، استمعت النيابة لأقوال العبار.[86] وفقا للعبار، "قال رجل الشرطة إنهم سيأخذونني إلى النيابة وأخبرني بما يجب أن أقوله عن أذني، بأن مشكلة أذني لم تكن بسبب التعذيب، وهي مشكلة سابقة، وأنني إذا لم أقل هذا سيضربونني أكثر حتى أفقد سمعي".[87] قال العبار للنيابة إنه كان يعاني من مشاكل في أذنيه لمدة عام أو عامين، وإنه لم يكن قد حاول الحصول على العلاج بسبب الكسل.[88]
قال العبار: "لم يوكلوا لي محام، لا شيء".[89] وفقا للعبار، لم يكن لديه محامٍ أثناء استجوابه.
في 3 مايو/أيار 2016، فحص العبار طبيبٌ من النيابة العامة.[90] وبحسب العبار، كان يُترك ثلاثة أو أربعة أيام حتى تختفي علامات الضرب، ثم يُأخذ إلى طبيب شرعي للفحص لفحصنا ومعرفة ما إذا كانت لدينا أي علامات".[91] يزعم العبار أنه على الرغم من أن معظم علامات الاعتداءات كانت قد خفّت، إلا أن الأدلة على الإصابات كانت واضحة للعيان وقت الفحص، وأنه كان هناك "القليل من الدم على شفتي وأذني".[92] أوصى التقرير الطبي "بعرضه على أخصائي أذن للبحث في سبب شكواه من ضعف السمع بالأذن اليسرى".[93] بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى "آثار تسحجية حول المعصمين ناتجة عن التقييد بالهفكري [الأصفاد]".[94]
اعتقال حسين علي مهدي وادعاءات إساءة معاملته وتعذيبه
اعتقلت الشرطة حسين علي مهدي مع العبار في 24 أبريل/نيسان 2016، وقال مهدي إنهم احتجزوه في الأكاديمية الملكية للشرطة.[95] يزعم مهدي أنه تم استجوابه "تقريبا... 19 يوما" من الصباح حتى المساء؛ مثل العبار، قال إن الشرطة اقتادته إلى المبنى 15 من سجن جو المجاور للأكاديمية معظم الليالي.[96] قال إنه خلال تلك الاستجوابات، كان معصوب العينين على الدوام تقريبا ويداه مقيدتان خلف ظهره.[97] قال مهدي :"أُضرب ولا أنام، حرمان من النوم طول اليوم خصوصا أول ثلاثة أيام. لا أنام إطلاقا".[98] قال إنه كان يُعطى القليل من الطعام والماء. "لم يعاملوني كإنسان".[99] يزعم مهدي أن العناصر نقلوه إلى مستشفى القلعة خلال الأيام القليلة الأولى، حيث أعطي سوائل عن طريق الوريد، وهو ما قال عنه مهدي أنه "حتى لا تنهار فقط، حتى يكون لديك طاقة للاعتراف، ثم يعيدونك عند الفجر لاستجواب آخر حتى الليل".[100]
وفقا لمهدي، هدده العناصر في الأكاديمية الملكية للشرطة بأنهم سيؤذون والدته، التي قالوا إنها "وحدها في البيت".[101] أخذ العناصر مهدي إلى منزله، وعلى حد قوله، "عندما وصلنا إلى المنزل، قالوا لي أن أخبر والدتي أنهم سيقتلونني إذا لم تعطهم هاتفي. حاولت والدتي الاندفاع نحوي، أخذوني بعيدا وأعادوني إلى الباص. بسبب الوضع استسلَمت وأعطتهم الهاتف".[102]
عندما اقتيد مهدي إلى النيابة، بحسب ما قال: "طوال الطريق كنا معصوبي الأعين، تعرضنا للضرب والركل على الظهر والرأس".[103] استجوب أعضاء النيابة مهدي وأمروه أن يقول "قصدكم قتل رجل الأمن".[104] قال مهدي إنه شعر أنهم "أجبروني على الاعتراف" لأن الشرطة "استخدمت كل ورقة ضغط من تعذيب وضرب وتعرية".[105]
لم يحضر مع مهدي محامٍ في أي وقت من الأوقات أثناء استجوابه، على الرغم من أن والد مهدي أبلغه في مكالمة هاتفية أن الأسرة وكّلت مريم عاشور محاميةً عنه. وفقا لمهدي، عندما سأله وكيل النيابة عما إذا كان لديه محام، "انصدم بأنني قلت نعم، محاميتي هي مريم عاشور، فقال: ’ليس لدينا وقت لمحاميتك‘. فقلت له إنني لن أقول أي شيء قبل أن تأتي المحامية. هنا، تغيرت نبرته وقال، ’الأمر ليس متروكا لك، ستتكلم غصبا عنك‘".[106]
المقاضاة والإدانة
اتُهم مهدي، والعبار، و11 متهما آخر بجرائم تتعلق بوفاة الشرطي نافيد.[107] وفقا لمهدي، لم يُسمح للدفاع بالاطلاع على فيديو سُجل بهاتف لحادثة 16 أبريل/نيسان 2016، والذي حصلت عليه الشرطة، ولم يسمح له سوى بالاطلاع على فيديو لإعادة تمثيل الجريمة شملت العبار ومهدي. قال أيضا إن محاميته مُنعت إجمالا من الوصول إلى الوثائق ذات الصلة وإن القاضي علي خليفة الظهراني رفض طلبات الدفاع بالتحدث مع مهدي خارج المحكمة، ما منعهم من مناقشة استراتيجية المحاكمة.[108]
أثناء المحاكمة، قال مهدي والعبار إن اعترافاتهما انتُزعت بالإكراه من خلال التعذيب، وأنكرا أنهما كانا يعتزمان قتل أي أحد.[109] وأشارت محامية مهدي إلى أنه رُفعت قضية منفصلة للتحقيق في مزاعم مهدي بشأن التعذيب – ووفقا لمراسلات من حكومة البحرين، قُدمت أيضا شكوى متصلة بالعبّار.[110] بالإضافة إلى ذلك، ووفقا لمذكرات الدفاع الموجهة إلى المحكمة، فإن المتهمين الآخرين الذين يُزعم أنهم تعرفوا على العبار ومهدي وحددوا أنهما جانيان زعموا أيضا أن تصريحاتهم انتزعت بالإكراه.[111]
تجاهلت "المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة" هذه المزاعم بشكل جوهري، وقالت ببساطة:
ومن ثم وقد خلت أوراق الدعوى من أثر لهذا الإكراه المدعى به إلا من لفظ مرسل ورد على لسان الدفاع ومن ثم فالمحكمة تطمئن إلى سلامة الاعتراف والإقرار التفصيلي الذي أدلى به المتهمون سالفي الذكر [الصياغة من المصدر] وترى أنه صدر منهم طواعية وعن إرادة حرة ودون إكراه أو ضغط ومن ثم ترفض المحكمة هذا الدفع لكونه في غير محله.[112]
بناء على الاعترافات وحدها دون الاستشهاد بأي دليل آخر يدين مهدي أو العبار، أدانتهما المحكمة، وحكمت عليهما بالإعدام، وأسقطت عنهما الجنسية في 6 يونيو/حزيران 2017.[113]
في الاستئناف، قال العبار ومهدي مرة أخرى إن اعترافاتهما انتُزعت بالإكراه، وإن اعتقالهما تم دون أوامر قضائية، وإن النيابة العامة لم تثبت نية القتل. ودفعا أيضا بأن سبب وفاة الشرطي نافيد لم يحدَّد في تقرير الطب الشرعي وبالتالي يجب إعادة تشريح الجثة.[114]
في 27 فبراير/شباط 2018، رفضت محكمة الاستئناف هذه الحجج، ووجدت أن الاعترافات لم تنتزع بالإكراه، وأيدت حكمَي الإعدام بحق العبّار ومهدي.[115]
أيّدت محكمة التمييز بإجراءات موجزة حكم المحكمة الابتدائية بأن الاعترافات لم تنتزع بالإكراه، بينما أشارت أيضا إلى أن الاعترافات كانت بمثابة الدليل الحاسم ضد العبّار ومهدي. كما خلُصت محكمة التمييز إلى أن المحكمة الابتدائية "قد تحققت من أن الاعترافات المدعى ببطلانها صحيحة وسليمة عما يشوبها".[116] كما توصلت محكمة التمييز إلى أن مهدي والعبار تنازلا عن حقهما في الاستعانة بمحام لأنهما لم يسمّيا محاميا بعينه، على الرغم من أن مهدي، كما هو مذكور أعلاه، يدعي بمصداقية أنه طلب محاميةً بالاسم. على هذه الأسس، أيدت محكمة التمييز حكمَي الإعدام في 21 مايو/أيار 2018.[117]
انتهاكات القانون الدولي
تضمنت محاكمة حسين علي مهدي وسيد أحمد العبار انتهاكات عديدة للقانون الدولي (والتي تنعكس أيضا في القانون البحريني)، أولا على صلة بالانتهاكات التي وصفاها. فيما يتعلق بالعبار، هناك أدلة على أن عناصر الأمن ارتكبوا انتهاكات بحقه للحصول على اعتراف، منها تقرير من الطبيب الشرعي يدعم مزاعمه بإصابة أذنيه. ادعى مهدي والمتهمون الآخرون الذين زُعم أن أقوالهم أدانت مهدي والعبار أن اعترافاتهم، التي كانت الدليل الحاسم ضد العبار ومهدي، انتُزعت بالإكراه. مع ذلك، لم تحقق المحاكم في مزاعم المتهمين بالتعرض للتعذيب إذ لم تأمر بإجراء فحوصات طبية مستقلة، أو تسعى إلى استجواب أعضاء النيابة وعناصر الأمن المشاركين في عملية الاستجواب، أو استجواب مهدي أو العبار بشأن الانتهاكات المزعومة. وبدلا من ذلك، اعتمدت المحكمة، دون تمحيص، على الاعترافات التي يُزعم انتزاعاها بالإكراه للحكم على رجلين بالإعدام.
بالإضافة إلى عدم التحقيق في مزاعم الانتهاكات، فإن اعتماد المحاكم على الاعترافات كدليل يثبت ذنب العبار ومهدي يشير إلى أن الدولة لم تحترم افتراض البراءة.
كما يبدو أن البحرين انتهكت حقوق كل من العبار ومهدي في الاستفادة من الإجراءات القانونية الواجبة والحصول على محاكمة عادلة، بما في ذلك حق مهدي في استشارة محام أثناء استجوابه، حتى عندما طلب مهدي محاميته بالاسم. بالإضافة إلى ذلك، لم تلبِّ النيابة العامة طلب الدفاع الاطلاع على فيديو الواقعة، وبدل ذلك قدمت فقط فيديو لتمثيل الواقعة.
قضية حسين إبراهيم علي حسين مرزوق
الاعتقال وادعاءات سوء المعاملة والتعذيب
حسين إبراهيم علي حسين مرزوق، الذي كان عمره 25 عاما حينها، اعتُقل في 10 يوليو/تموز 2016 على خلفية تفجير على طريق سريع أودى بحياة امرأة في 30 يونيو/حزيران 2016 بالقرب من قرية العكر.[118]
بعد ظهر يوم 10 يوليو/تموز، بحسب ما قال مرزوق، استيقظ على رجال الشرطة وهم يصرخون: "من أنت؟".[119] قال مرزوق إنه عندما أخبرهم باسمه: "دخل أربعة منهم [إلى الغرفة]، وأحاطوا بي وضربوني، ولكموني بقبضاتهم على وجهي وبطني، وأعضائي التناسلية. كان أربعة منهم يركلونني. ثم وضعوا رأسي على الأرض وعصبوا عينيّ وحملوني إلى سيارة". واستمر الضرب في السيارة.[120]
أخذ العناصر مرزوق للفحص الطبي ثم إلى مكان حيث قال إنه تم تصويره. ثم نُقل إلى موقع آخر "على بعد مسافة"، سماه مرزوق "الأكاديمية"، في إشارة إلى الأكاديمية الملكية للشرطة.[121]
قال مرزوق إنه عندما وصل إلى "الأكاديمية"، ضربه العناصر وهددوه.[122] قال مرزوق إن أحد العناصر قال له: "الآن سيأتي المحقق وسترى ما سيفعله بك".[123] ولما جاء، شتمه المحقق "بكلام لا يُقال"، وهدده بإحضار والديه للاستجواب.[124]
قال مرزوق إن العناصر استجوبوه خمسة أو ستة أيام. خلال هذا الوقت، لم يكن يعرف "الليل من النهار" لأنه كان معصوب العينين.[125] قال مرزوق إن العناصر سألوه عما فعله يوم الحادث وبدأوا "ينتزعون الاعترافات بقسوة".[126] قال مرزوق إنه "كان يقف طوال هذه الفترة" وعندما ينهار "يأتي أحد ويركلني، أو يسكب الماء عليّ لأقف مرة أخرى".[127]
قال مرزوق إنه لمدة 11 يوما، من 10 إلى 21 يوليو/تموز، تم تقييده من كاحليه ومعصميه بسلسلة ثقيلة و"قفل كبير يستخدم للأبواب"، حتى لا يتمكن من مد أطرافه بالكامل. [128]
بعد ذلك، بحسب مرزوق، أحضره رجال الشرطة إلى النيابة العامة. قال إنه اعترف هناك بعد أن هدده عنصر أمن ضربه بأنه سيتعرض للتعذيب مرة أخرى إذا لم يعترف. بعد الاعتراف، نُقل مرزوق إلى سجن الحوض الجاف.[129]
في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قدم مرزوق، عبر محاميه، شكوى إلى وحدة التحقيق الخاصة بشأن الانتهاكات المزعومة.[130] وفقا للحكومة البحرينية، وجدت وحدة التحقيق الخاصة أن الشكوى لا أساس لها، قائلة إن العناصر المزعوم تورطهم نفوا ارتكاب أي انتهاكات وإن الفحص الطبي لم يكشف عن إصابات تتفق مع مزاعم الانتهاكات.[131] لم تشرح الحكومة لماذا اعتبرت غياب إصابات تتفق مع وجود انتهاكات يُزعم أنها حدثت قبل أشهر من الفحوصات دليلا حاسما على عدم حدوثها، أو ما إذا كان هناك دليل على إصابات تعتقد وحدة التحقيق الخاصة أن لا علاقة لها بالانتهاكات المزعومة.[132]
المقاضاة والإدانة
تمت محاكمة مرزوق بـ 11 تهمة، منها "القيام بأعمال عدائية" ضد البحرين نيابة عن إيران، وقتل والشروع في قتل عناصر أمن بعبوة ناسفة، والإرهاب. في المحاكمة، حاجج مرزوق بأن اعترافه انتُزع تحت التعذيب وأن التحقيق الجنائي اعتمد على مصادر سرية غير معلنة، بالإضافة إلى "عدم جدية" التحريات. رفضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني جميع الحجج بعد إجراءات موجزة، ووجدت أن التهم قد ثبتت بناء على اعترافات مرزوق والمدعى عليه حسن الحايكي، بالإضافة إلى تقرير التحقيق الذي اعتمد على مصادر غير معلنة. في 19 يونيو/حزيران 2017، أدانت المحكمة مرزوق بجميع التهم الموجهة إليه، وحكمت عليه بالإعدام وإسقاط جنسيته البحرينية عنه.[133]
توفي الحايكي، المتهم الثاني مع مرزوق، في غضون أسابيع من اعتقاله. وبحسب محاميه وأسرته، فإن وفاته كانت بسبب التعذيب.[134]
وكتبت المحكمة في رأيها أن دفع مرزوق بشأن التعذيب "مردود عليه بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وحق غيره ولو لم يكن معززا بدليل آخر وإن عدل عنه".[135]
وأوضحت المحكمة كذلك أنها "تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم" لأن الاعتراف تم بحضور محامي الدفاع، وفي وقت الاعتراف لم يدعِ مرزوق أنه تعرض للتعذيب.[136] بالإضافة إلى ذلك، صرّحت المحكمة أنها "تطمئن إلى صحة اعتراف [مرزوق] بتحقيقات النيابة العامة لكونه قد انصب على عناصر الاتهام وأركان الوقائع المسندة إليه".[137] باختصار، "اطمأنت" المحكمة إلى أن اعتراف مرزوق كان حقيقيا، ليس لأنها حققت في هذه القضية ولكن، جزئيا على الأقل، لأن الاعتراف قدم أدلة اتهام محورية. كما رفضت المحكمة حجة الدفاع بضرورة تأجيل المحاكمة إلى حين صدور حكم في شكوى مرزوق إلى وحدة التحقيق الخاصة، مشيرة إلى أن التحقيق كان جاريا.[138]
أخيرا، رفضت المحكمة حجج مرزوق بشأن استخدام تقرير التحقيق في المحاكمة، والذي استند إلى "مصادر سرية" وزعم أنه يربط مرزوق بجماعة إرهابية إيرانية ويورطه في التفجير. في حجة تدور في حلقة مفرغة، وجدت المحكمة أنها "تطمئن إلى جدية التحريات لتضمنها معلومات كافية ومحددة لشخصية المتهمين وميزتهم عن غيرهما من الأشخاص وبينت ارتكابهم للواقعة".[139] ولهذا السبب لم يتمكن مرزوق ومحاميه من مناقشة "المصادر السرية" لاختبار صحة ادعاءاتهم، كما هو مطلوب بموجب القانونين الدولي والبحريني.[140]
في الواقع، عندما سأل المحامي الملازم أول محمد خليفة دعيج سليس، كاتب محضر التحقيق هذا، بخصوص مصادره، أجاب سليس أن هذه "مصادر سرية لا أستطيع البوح بها، وهم أكثر من مصدر سري".[141] أيضا، لم يستطع سليس نفسه الإجابة على أسئلة بسيطة تتعلق بتقريره، بما في ذلك ما يتعلق بالأحداث والأماكن والجداول الزمنية المتعلقة بتعامل مرزوق المفترض مع الجماعة الإيرانية وتورطه في التفجير، ما يعزز أن ليس لديه معرفة مباشرة بالمعلومات الواردة في التقرير.[142]
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أيدت محكمة الاستئناف الإدانة والحكم الصادرين بحق مرزوق.[143] كانت المسألتان الرئيسيتان قيد الاستئناف استخدام اعتراف مرزوق واعتماد المحكمة على مصادر سرية. في قرارها المقتضب، صرّحت محكمة الاستئناف إثر إجراءات موجزة أن "اعتراف المستأنف جاء صحيحا لا يشوبه ثمة إكراه ماديا كان أو معنويا".[144] رفضت محكمة الاستئناف النظر فيما تضمنته مذكرة الدفاع من "أوجه دفاع موضوعية أخرى ... بحسبان أنها لا تعدو أن تكون جدلا موضوعيا".[145]
في 26 فبراير/شباط 2018، أيدت محكمة التمييز إدانة مرزوق.[146]
انتهاكات القانون الدولي
تثير محاكمة حسين إبراهيم علي حسين مرزوق مخاوف كبيرة تتعلق بالقانون الدولي ونصوص مماثلة في القانون البحريني. أولا، على الرغم من أن مرزوق زعم أن اعترافه انتُزع تحت التعذيب، فإن المحكمة لم تجرِ أي مراجعة جديّة لهذه الشكوى ولا حتى انتظرت نتائج تحقيق وحدة التحقيق الخاصة. بدلا من ذلك، وجدت المحكمة أن الاعتراف لم يكن بالإكراه، وجاء في جزء من قرارها أن الاعتراف يثبت "عناصر الاتهام وأركان الوقائع المسندة" إلى مرزوق. على هذا الأساس، قررت المحكمة أن بإمكانها أن تعتمد على الاعترافات كدليل حاسم لإدانة مرزوق.
استخدام الاعتراف كدليل أساسي على ذنب الفرد لا يبيّن ما إذا كان الاعتراف قد انتُزع بالإكراه. وقد خلا تبرير المحكمة من أي إشارة إلى المعايير القانونية ذات الصلة باستخدام الاعترافات التي يُزعم أنها انتُزعت بالإكراه. كما لم تتخذ المحكمة أي خطوات مطلوبة للتحقيق في مزاعم التعذيب.
وبخلاف أوجه التقصير هذه، فإن كون تحقيق وحدة التحقيق الخاصة قيد النظر هو بالتحديد السبب الذي دفع محامي الدفاع إلى طلب التأجيل. وهو السبب أيضا الذي كان ينبغي بموجبه للمحكمة أن تؤجل المحاكمة لو كانت ترغب حقا في تحديد ما إذا كانت الانتهاكات قد حدثت.
ثانيا، اعتماد المحكمة على محضر التحقيق المستمد من مصادر سرية ينتهك حق مرزوق في الوصول الفعلي إلى المستندات التي تستند إليها النيابة وحقه في مواجهة الشهود ضده. قدم هذا التقرير الدليل الأكثر أهمية في المحاكمة، إضافة إلى اعترافات مرزوق والحايكي المزعومة. نظرا لعدم الكشف عن المصادر مطلقا، لم يكن بإمكان مرزوق التحقيق بشأن المصادر أو استجوابهم، أو أن يدفع بعدم صحة المعلومات التي يفترض أنها نتجت عن المصادر. هذه النقطة تؤكدها حقيقة أن كاتب المحضر لم يتمكن من الإجابة على أسئلة أساسية حوله.
وبالمثل، لم يتمكن مرزوق من مواجهة الحايكي المتوفى والذي اعتمدت المحكمة الابتدائية على اعترافاته كدليل قوي ضد مرزوق. فعليا، سُمح للحكومة باستخدام أدلة من شاهد إثبات قوي دون أن يُعرض هذا الشاهد للمواجهة، وهو أمر يصعب التوفيق بينه وبين مبادئ المحاكمة العادلة. نظرا إلى أن عائلة الحايكي ومحاميه عزيا وفاته أثناء الاحتجاز إلى سوء المعاملة، يبدو من المرجح أن الحايكي كان سينكر اعترافه.
في نهاية المطاف، الدليل الوحيد الذي يرسي العناصر الأساسية للجرائم التي أدين مرزوق بارتكابها كان الاعترافات ومحضر التحقيق الذي تم الحصول عليه من مصادر التحقيق السرية. ولأن اعتماد المحكمة على الاعترافات والمصادر السرية انتهك القانونين الدولي والبحريني، فمن الواضح أن الدولة لم تلبِّ شرط افتراض البراءة في قضية مرزوق.
قضية سلمان عيسى علي سلمان
الاعتقال وادعاءات إساءة المعاملة والتعذيب
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2014، اعتقل عناصر الشرطة سلمان عيسى علي سلمان، الذي كان عمره 30 عاما حينها، على خلفية وفاة شرطي في يوليو/تموز السابق. قال أحد أفراد عائلة سلمان أن العائلة شاهدت عناصر الشرطة يضربون سلمان أثناء الاعتقال، والذي حدث في مكان عام. بعد محاكمته، التي انتهت في أبريل/نيسان 2015، أخبر سلمان أسرته أن الضرب أول مرة تسبب بكسر في أنفه وإصابة في أذنه اليسرى، والتي قال إنها تسببت في فقدان سمع دائم. قال قريب سلمان نفسه إنه عندما رأت العائلة العناصر يضعون سلمان في سيارة للشرطة، بدا وكأنه فاقد الوعي. نقلت الشرطة سلمان إلى مقر "الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية" (إدارة المباحث الجنائية) في العدلية.[147]
وفقا لأفراد الأسرة، أخبرهم سلمان بعد محاكمته أن العناصر ضربوه في إدارة المباحث الجنائية وصعقوه كهربائيا على أعضائه التناسلية. قال لهم إن العناصر عرضوه لدرجات حرارة شديدة، إذ وضعوه في غرفة شديدة البرودة لمدة تصل إلى عدة ساعات في كل مرة، ولم يُسمح له بالنوم في أول يومين في المباحث الجنائية. لاحقا، كان العناصر يوقظونه مرارا بعد ساعة أو ساعتين من النوم. قال سلمان إن العناصر علقوه من رجليه رأسا على عقب وأمروه بالاعتراف بقتل ومحاولة قتل رجال الشرطة. قال سلمان إنه رفض في البداية لكنه في النهاية "اعترف" حسب التوجيهات بسبب الانتهاكات التي ذكرها.[148]
باستثناء مكالمة قصيرة في اليوم التالي لاعتقاله لإبلاغهم بمكان وجوده، لم يكن سلمان على اتصال بأسرته طوال فترة الحبس الاحتياطي.[149]
قالت عائلة سلمان إنه لم يتمكن من الاتصال بمحام أثناء استجوابه. أثناء المحاكمة، سُمح لسلمان بمقابلة محاميه فقط أثناء جلسات المحكمة. لم يُسمح له بمقابلة محاميه خارج المحكمة إلا بعد محاكمته، عندما التقيا في سجن جو.[150]
المقاضاة والإدانة
إلى جانب 11 متهما آخر، حوكم سلمان على خلفية وفاة شرطي نتيجة تفجير في قرية العكر في 4 يوليو/تموز 2014.[151] وفي المحاكمة، قال سلمان إنه لا يوجد دليل قاطع ضده باستثناء اعترافات اثنين من المتهمين الآخرين، التي قال إنها انتُزعت بالإكراه. أحد هذين المتهمَين، وهو عبد الهادي علي حسن سلمان سرحان، قال أيضا إن اعترافه انتُزع بالإكراه.[152] اعتمد حكم المحكمة ضد سلمان بشدة على اعتراف سرحان. رفضت المحكمة، برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني، على الفور مزاعم سرحان بشأن تعرضه للإكراه:
المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم الثامن [سرحان] بتحقيقات النيابة العامة، إذ أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في حق المتهم وحق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه مادي ومعنوي، ومتى تحققت المحكمة من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها.[153]
كما صرّحت المحكمة أنه وبسبب أن سرحان "مثل أمام عضو النيابة وأدلى باعترافات تفصيلية بارتكابه بالاشتراك مع بقية المتهمين بارتكاب الواقعة ولم يشير [الصياغة من المصدر] إلى تعرضه لإكراه مادي أو معنوي" ولأن "اعترافه جاء متفقا في مجمله بما يؤكد ويجزم بمطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى"، ولذلك "يطمئن وجدان المحكمة إلى أن اعتراف المتهم قد صدر منه عن إرادة حرة طواعية واختيارا وخلا من شائبة الإكراه، وجاء صادقا ومطابقا للحقيقة والواقع".[154]
استخدمت المحكمة اعترافات سرحان، ما ورّط سلمان، دون أن تأمر بإجراء تحقيق طبي مستقل في مزاعم سرحان بشأن الانتهاكات أو أي طريقة أخرى للتحقيق. كما لم تحقق المحكمة في مزاعم سلمان بشأن الانتهاكات. ولم تتناول المحكمة دفع سلمان بأن اعتراف المتهم الآخر ضده انتُزع بالإكراه.[155]
قالت عائلة سلمان إن المحكمة حرمته من فرصة تقديم شهود الدفاع.[156]
في 29 أبريل/نيسان 2015، أدانت المحكمة سلمان بتهم القتل الموجهة إليه وحكمت عليه بالإعدام. كما أسقطت المحكمة الجنسية عن سلمان ومتهمين مدانين آخرين.[157]
أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم.[158] في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ألغت محكمة التمييز إدانة سلمان وأعادت قضيته إلى محكمة الاستئناف، ووجدت أنه لم يتم إثبات نية القتل.[159] في 7 مارس/آذار 2018، أيدت محكمة الاستئناف مرة أخرى حكم الإعدام، وخلصت إلى أن اعترافات سلمان والمتهمين الآخرين تثبت النية المطلوبة.[160]
في 7 مايو/أيار 2018، للمرة الثانية، ألغت محكمة التمييز الحكم الصادر ضد سلمان، قائلة إنها ستنظر في القضية في 21 مايو/أيار 2018.[161] لسبب غير مفهوم، ودون أي إجراءات علنية، بعد أسبوع واحد فقط، في 4 يونيو/حزيران 2018، أمرت محكمة التمييز بإعادة تثبيت إدانة سلمان وحكم الإعدام بحقه.[162]
انتهاكات القانون الدولي
شابت محاكمة سلمان عيسى علي سلمان عيوب جوهرية من عدة جوانب. أولا، يبدو أن السلطات انتهكت حق سلمان الأساسي في الاستعانة بمحامٍ عبر إجراء التحقيق والاستجواب في غياب محاميه. علاوة على ذلك، أثناء محاكمته، أُفيد أنه لم تتح الفرصة لسلمان للتواصل مع محاميه إلا في قاعة المحكمة. أيضا أثناء المحاكمة، وفقا لأسرته، حرمت المحكمة سلمان من فرصة تقديم شهود الدفاع.
ثانيا، تُظهر سجلات المحكمة أن المحكمة رفضت بإجراءات موجزة الحجج التي قدمها سلمان وسرحان فيما يتعلق بالإكراه على الاعترافات. لم تبذل المحكمة أي محاولة لإجراء تحقيق نزيه، على سبيل المثال بإجراء تحقيق طبي أو استجواب المتهمين أو الموظفين الحكوميين حول المزاعم.[163] ببساطة، لم تمتثل المحكمة لواجباتها المتمثلة في التأكد من مزاعم التعذيب وعدم الأخذ بالأدلة الناتجة عن الانتهاكات.
وفي تأكيد لأوجه التقصير هذه، وجدت محكمة التمييز مرتين أن النية، وهي عنصر حاسم في الجريمة، لم تتحقق أثناء المحاكمة. بعد أن استنتجت للمرة الثانية أن إدانة سلمان لا يمكن القبول بها، غيّرت محكمة التمييز قرارها لسبب غير مفهوم وأكدت حكم الإعدام الذي كانت رفضته مرتين.[164]
نظرا إلى هذا التاريخ الإجرائي الغريب، فضلا عن اعتماد محاكم الموضوع والاستئناف والتمييز على اعترافات يُزعم أنها منتزعة بالإكراه لم يتم التحقيق فيها، من الواضح أن الدولة لم تحترم افتراض براءة سلمان.
قضية زهير إبراهيم جاسم عبد الله
الاعتقال وادعاءات سوء المعاملة والتعذيب
كان زهير إبراهيم جاسم عبد الله، وهو أب لخمسة أطفال، يبلغ من العمر 37 عاما عندما اعتقل للاشتباه في انتمائه إلى جماعة إرهابية وقتل رجل شرطة.[165] بحسب عبد الله، اعتُقل في شقته في سترة في ساعات الصباح الباكر من يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.[166] أخبر عبد الله أسرته أن السلطات لم تظهر مذكرة توقيف وصادرت بعض أغراضه الشخصية.[167] اقتاده العناصر إلى المباحث الجنائية في العدلية واحتجزوه هناك حتى منتصف الليل تقريبا. قال عبد الله إنهم نقلوه بعد ذلك إلى المبنى 15 بسجن جو لمدة ستة أيام. قال: "ثم نُقلت مرة أخرى إلى المباحث الجنائية في العدلية، حيث بدأ التعذيب الحقيقي".[168]
قال: "حاولوا نزع كل ملابسي"، مضيفا أن "[محاولة] الاغتصاب والتعذيب بدأت منذ ذلك اليوم".[169] قال: "مُنعت من النوم أثناء إجراء الاستجواب".[170] قال إنهم صعقوه كهربائيا في اليوم نفسه في صدره وأعضائه التناسلية. بحسب عبد الله، في 9 أو 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، نقله عناصر من المباحث الجنائية إلى منزله في سترة، حيث احتجزوه في سيارة شرطة أثناء دخولهم المنزل، مطالبين بالعثور على هاتفه.[171] بينما كان عبد الله في الخارج، أعطاه رجل الشرطة هاتفا للتحدث مع زوجته التي كانت في الداخل. قال عبد الله إن زوجته أخبرته أن رجال الشرطة هددوها؛ قال إنه سمع مدى خوفها. قال إنه في تلك المرحلة انهار نفسيا. قال إن رجال الشرطة قالوا له: "الشرطة كلها هنا، وزوجتك بمفردها في المنزل. إذا لم تخبرنا بمكان الهاتف، سنغتصبها".[172]
قال عبد الله إن العناصر "هددوا بقتل أطفالي وعائلتي ومع ذلك لم أعترف. أخبرتهم أنني لا أستطيع الاعتراف بشيء لم أفعله".[173] ثم نقله العناصر إلى الأكاديمية الملكية للشرطة، على حد قوله، حيث قال له أحد العناصر إن هناك "العديد ممن يمارسون التعذيب" في المنشأة.[174] قال إن العناصر استجوبوه هناك يوميا وهو معصوب العينين ومقيّد اليدين.[175] قال عبد الله إنه أمضى الليل خلال تلك الفترة في المبنى 15 بسجن جو، حيث لم يسمح له رجال الشرطة بالنوم أكثر من ساعات عدة كل مرة. قال إنه في مرحلة معينة، نُقل إلى مستشفى "قوة دفاع البحرين" لتلقي العلاج من إصاباته، لكن لم يُسمح له بالبقاء طوال الليل على الرغم من توصية الطبيب.[176]
وفقا لعبد الله، فقد أنهكته هذه الانتهاكات نفسيا وكان مستعدا للاعتراف بالتهم الموجهة إليه.[177]
تثبت الوثائق الصادرة عن النيابة العامة أن حمد شاهين البوعينين، المشرف في وحدة مكافحة الإرهاب، استجوب عبد الله مساء يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في الأكاديمية الملكية للشرطة بدلا من النيابة العامة، حيث يتم عادة استجواب المشتبه بهم.[178] وبحسب سجلات النيابة العامة، لم يكن لدى عبد الله محامٍ حاضر معه. تثبت هذه السجلات أيضا أن وكيل النيابة لاحظ إصابات ظاهرة على عبد الله، بما في ذلك علامات على معصميه. عندما سأل عبد الله عن هذه الإصابات، ادعى عبد الله أنها بسبب الأصفاد. وبحسب محضر استجواب عبد الله، فقد اعترف عبد الله بارتكاب جرائم عدة.[179]
قال عبد الله إنه ظل يتنقل بين المبنى 15 من سجن جو والأكاديمية لعدة أسابيع حتى نُقل إلى مركز احتجاز الحوض الجاف.[180]
المقاضاة والإدانة
سُمح لعبد الله بمقابلة محاميه أول مرة في قاعة المحكمة عندما أُحيلت قضيته إلى المحكمة، بعد أربعة أشهر من اعتقاله. وفقا لعبد الله، لم يُسمح لمحاميه بزيارته لمدة سبعة أو ثمانية أشهر بعد ذلك.[181]
قدم عبد الله في أبريل/نيسان 2018 لدى مكتب الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة شكوى يزعم فيها تعرضه للتعذيب.[182] قال عبد الله إن الموظفين في أمانة التظلمات ووحدة التحقيق الخاصة قابلوه بخصوص بالشكوى.[183]
في محاكمة انتهت في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حاكمت الحكومة عبد الله بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية وقتل شرطي. خلال المحاكمة، دفع محامي عبد الله، من بين أمور أخرى، بأن اعتراف عبد الله كان باطلا بسبب الإكراه الجسدي والنفسي وأنه يجب تعليق القضية في انتظار نتائج تحقيقات الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة.[184] وفقا للحكومة البحرينية، خلصت وحدة التحقيق الخاصة إلى أن شكوى عبد الله لم تكن مدعومة بأدلة، قائلة إن شرطيا يُزعم تورطه نفى ارتكاب انتهاكات، وإن الفحص الطبي لم يكشف عن إصابات تتفق مع مزاعم الانتهاكات.[185]
تطرقت محكمة الدرجة الأولى إلى هذه الطلبات، لكنها لم تتناولها بشكل موضوعي، واكتفت بالقول إنها "تطمئن إلى صحة هذه التحريات وجديتها وما تلاها من إجراءات بناء على هذه التحريات الجادة ...".[186] بناء على اعتراف عبد الله، أدانته هيئة المحكمة، برئاسة القاضي بدر عبد اللطيف العبد الله، وحكمت عليه بالإعدام، وأسقطت عنه جنسيته أيضا، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.[187]
استأنف عبد الله الحكم، وأثار مرة أخرى مسألة الإكراه.[188] لم تحقق محكمة الاستئناف في المزاعم، لكنها وجدت إثر إجراءات موجزة أن "الحكم المستأنف قد تكفل بالرد على النحو السائغ والسليم على هذا الدفع وتؤيده المحكمة فيما خلص إليه".[189]
كما تناولت محكمة الاستئناف شكوى عبد الله في وحدة التحقيق الخاصة، ووجدت أنه بما أن الشكوى "ما زالت قيد التحقيق ولم يحل أي من الشكوى... إلى المحاكمة ولم ترفع الدعوى الجنائية بشأنها فلا محل لوقف الدعوى الماثلة".[190] ورأت المحكمة أن الحكم استند "للأسباب السليمة والسائغة" وأن محكمة الدرجة الأولى ردت "على كل ما أثاره دفاع المستأنف"، مؤكدة حكم محكمة الدرجة الأولى والحكم الصادر في 12 مايو/أيار 2019.[191]
ثم استأنف عبد الله أمام محكمة التمييز، التي أيدت الحكم والإعدام في 15 يونيو/حزيران 2020.[192]
انتهاكات القانون الدولي
وفقا لعبد الله، فقد منعته السلطات والمحاكم من الاتصال بمحام طوال فترة التحقيق والاستجواب. ولم يُسمح له بمقابلة محاميه إلا بعد شهور من اعتقاله لأول مرة، ولم يُسمح له بمقابلة محاميه أثناء التحضير للمحاكمة.[193]
في محكمة الدرجة الأولى ومحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز، قال عبد الله إنه تعرض للتعذيب وإنه يجب تعليق القضية في انتظار تحقيقات وحدة التحقيق الخاصة وأمانة التظلمات. على الرغم من واجب التحقيق في مزاعم التعذيب الذي يقتضيه القانون الدولي، لم تتخذ المحاكم أي خطوات للقيام بذلك. دون مناقشة ولو موجزة لهذه القضايا، أدانت المحكمة عبد الله بناء على اعترافه وحكمت عليه بالإعدام في حكم أيدته محكمتا استئناف. نظرا إلى اعتماد المحاكم غير الصائب على اعتراف يُزعم أنه انتزع بالإكراه، لا يوجد ما يدعو لاستنتاج أن الدولة احترمت افتراض براءة عبد الله.
قضية محمد رمضان وحسين موسى
اعتقال محمد رمضان وادعاءات تعذيبه وسوء معاملته
كان محمد رمضان، وهو أب لثلاثة أطفال، يبلغ من العمر 31 عاما عندما اعتقل بعد الساعة 2 صباحا في 18 فبراير/شباط 2014 في مطار البحرين الدولي، حيث كان يعمل رجل أمن.[194] وفقا لرمضان، فقد جاء ضابط كبير ورجل أمن بثياب مدنية إلى مكان عمله.[195] قال: " أبلغاني أنهما من الأمن الوقائي التابع لوزارة الداخلية.[196] طلبا مني [مرافقتهما] وبما أني تابع لوزارة الداخلية [رافقتهما] باطمئنان".[197] ومع ذلك، قال رمضان: " ولكنهم عندما ركبت السيارة قاما بتقييد يدي من الخلف وعندما وصلنا سألاني هل تعرف هذا المبنى فقلت نعم إنه مبنى التحقيقات الجنائية [إدارة المباحث]. فعلمت أنهما كذبا وهما تابعان للتحقيقات [إدارة المباحث] وليس الأمن الوقائي".[198] فيما بعد، اتهمت السلطات رمضان على خلفية تفجير قتل شرطي قبل عدة أيام خلال مظاهرة في قرية الدير. قال رمضان إنهم عندما دخلوا مقر المباحث الجنائية، "تم إغلاق عيني وبدأت المعاناة".[199] قال: "طلب مني الوقوف مقابل الجدار.[200] وبينما أنا كذلك كان أشخاص يتحرشون بي بلمس مؤخرتي بأصابعهم وأيضا بضربي بأيديهم على وجهي ورأسي ورقبتي".[201] قال رمضان إن عناصر الأمن في المباحث الجنائية أخذوه إلى حجرة شديدة البرودة، حيث أجبروه على الوقوف لفترة طويلة حتى انهار. وفقا لرمضان، فقد أخبر رجال الأمن أنه يعاني من آلام في الظهر. بعد ذلك، كلما تعب، على حد قوله، " كلما أتعب يأتوني بالصراخ والضرب ويجبرونني على الوقوف".[202]
قال رمضان إنه بينما كان ما يزال معصوب العينين، نقله العناصر إلى غرفة أخرى سماها "الغرفة السوداء"، و"هي أكثر مكان تم تعذيبي فيه".[203] قال إن عناصر المباحث الجنائية قاموا بضربه وصفعه وركله في جميع أنحاء جسده.[204] وفقا لرمضان، "ولما أخبرتهم بإجرائي عملية جراحية في الخصيتين بسبب العلاج للإنجاب كانوا يتعمدون رفسي على الخصيتين".[205] قال إن عناصر الأمن هددوا باغتصاب زوجته وشقيقاته أمامه.[206] "وأبلغتهم بآلام ظهري فقاموا بتمديدي على بطني وضربي على ظهري وسحب يدي من الخلف أو رفسي بين رجلي".[207]
قال رمضان إنه طوال فترة الاستجواب والتعذيب على يد عناصر المباحث الجنائية، "وقعوني [جعلوني أوقّع] أكثر من مرة على أوراق لم يسمحوا لي بقراءتها". وفقا لرمضان فإن العناصر قالوا له إن "القاضي سيحكمني بالإعدام لأن الحكم يخرج منهم".[208] ووفقا لرمضان، فإن العناصر أخبروه أيضا، أنه بسبب مشاركته في الاحتجاجات، "كانوا ينتظرون أن يضعوني بقضية كبيرة".[209] قال رمضان إنهم أخبروه أنهم لا يهتمون بـ "بسيوني"، في إشارة واضحة إلى شريف بسيوني، الذي ترأس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين في 2011.[210]
اقتادت الشرطة رمضان إلى النيابة ليلة 20 فبراير/شباط 2014، حيث قال إن الشرطة هددت "بأني إن لم اعترف في النيابة بارتكابي للقضية فإنهم سيقومون بإعادتي للتحقيقات وتعذيبي أكثر".[211] قال إن وكيل النيابة استجوبه قرابة ثلاث ساعات.[212] قال إنه سأل وكيل النيابة إن كان يريده أن يخبره القصة الحقيقية التي حدثت أم القصة التي يريدونها، فقال له وكيل النيابة أن يروي ما عنده.[213]
وبحسب رسالة من النيابة العامة، اعترف رمضان بالمشاركة في احتجاج في الدير في 14 فبراير/شباط 2014، لكنه نفى أي دور له في وفاة الشرطي.[214]
بعد استجواب 20 فبراير/شباط، نقلت السلطات رمضان إلى مستشفى القلعة لفحص طبي، ثم نقلته إلى "سجن أَسري العسكري".[215] بناء على أمر من النيابة العامة باحتجاز رمضان لمدة 60 يوما، نقله عناصر الأمن إلى "مركز شرطة الرفاع الشرقي" في 21 فبراير/شباط 2014 حوالي الساعة 10:30 ليلا.[216]
قال رمضان إنه خلال الأيام الـ 11 الأولى له في الرفاع، اقتاده العناصر إلى مبنى المباحث الجنائية في معظم الأيام.[217] قال إن عناصر المباحث عرضوه هناك لمزيد من الضرب و"التعذيب النفسي".[218] في 4 مارس/آذار 2014 الساعة 7:58 مساء، وفقا لوثيقة وزارة الداخلية، أعاد العناصر رمضان إلى سجن أسري العسكري حيث ظل هناك حتى نقلته السلطات إلى سجن جو في يوليو/تموز 2015.[219]
اعتقال حسين موسى وادعاءات سوء معاملته وتعذيبه
في 21 فبراير/شباط 2014، اعتقلت الشرطة حسين موسى، الذي كان عمره 27 عاما حينها، أيضا على خلفية وفاة رجل الشرطة في الدير.[220] قال موسى إن الشرطة أحضرته إلى المباحث الجنائية.[221] هناك، كما قال، قيّد رجال الأمن يديه بإحكام خلف ظهره برباط بلاستيكي ("سكليب") ولكموا وركلوا يديه، التي أصبحت متورمة لدرجة أنهم استبدلوا الرباط بقطعة قماش.[222] وبحسب موسى، فإن عناصر الأمن استهدفوا خصيتيه أكثر من أي جزء آخر من جسده. قال: "تم ضربي بأحذيتهم ويأتي شخصان يجعلانني أنام على الأرض ويقومون بلمس الخصيتين".[223] "شخص يقوم بمسك فخذي ليفتحوا رجلي بالكامل ويقوم الشخص الآخر بالضغط على الخصيتين وعصرهما بأيديهم، بعض الاوقات يجعلونني أنام على الارض ويمسكون يدي وأرجلي لأن لا استطيع إبعادهم ويقومون بعصر الخصيتين وبعض الاوقات يقومون بوضعي على الكرسي ويقومون بمثل العمل".[224] قال موسى إن رجال الأمن هددوه باغتصابه بعصا، التي قال إنهم "كانوا يمشونها فوقي من الخلف ولكنهم لم يقوموا بإدخالها".[225]
قال موسى إن العناصر حرموه من الطعام والماء وطالبوه بالاعتراف بالتفجير.[226]
قال إنه بسبب الانتهاكات، اعترف في اليوم الأول من اعتقاله: "لو كان التعذيب فقط على الوجه مستحيل أن أعترف، ولكن التعذيب على الخصيتين هو الذي أتعبني وجعلني أعترف".[227]
قال موسى إنه في الليلة التي وصل فيها إلى المباحث الجنائية، اقتاده العناصر إلى النيابة العامة بعد أن أمروه بتكرار اعترافه هناك وإلا واجه المزيد من الانتهاكات. عندما نفى موسى أنه شارك في التفجير، اتصل وكيل النيابة بأفراد المباحث الجنائية، الذين نقلوا موسى إلى حافلة حيث تعرض للضرب مرة أخرى، على حد قوله. "كانوا ينزلونني تحت في الباص يقومون بضربي، ثلاث مرات عملوا بي ذلك، أركب فوق وأنكر وينادونهم لي وينزلوني تحت ويضربوني. ثالث مرة اعترفت بكل مايريدونه ومشيت".[228] تثبت الوثائق الرسمية أن وكيل النيابة، حمد شاهين البوعينين، استجوب موسى في 21 فبراير/شباط 2014 الساعة 10 ليلا، دون حضور محامي الدفاع.[229]
بعد ساعات قليلة من هذا الاستجواب، أحضر رجال الأمن موسى إلى مستشفى القلعة، حيث فحصه الدكتور نعمان سالم من وزارة الداخلية وأجرى له صور أشعة سينية وفحص دم.[230] قال موسى إن العناصر هددوه: "أي شخص يخبرهم بأي شيء يقومون بإرجاعه إلى التحقيقات [المباحث] مرة أخرى ليتم تعذيبه أكثر من السابق".[231] في تقرير طبي مؤرخ في 22 فبراير/شباط الساعة 2:56 صباحا، أشار الدكتور سالم إلى أن موسى كان لديه "ألم في اليد وإيلام/مضض مع التورم" و"ألم أسفل الظهر" و"إيلام قطني" و"ألم الفخذ".[232] قال موسى إنه قال للطبيب، "أدخلني إلى المستشفى. لا أريد أن أذهب معهم. انظر الى يدي لا أستطيع تحريكها. فمي يمتلئ بالدم".[233] وصف الدكتور سالم المسكنات وأحال موسى إلى أخصائي تقويم العظام في مستشفى قوة دفاع البحرين، مشيرا إلى أنه يعتقد أن موسى قد يكون مصابا بكسر في إبهامه الأيسر.[234]
فحص الدكتور محمد نور الدين أحمد أنس فودة من النيابة العامة موسى في 2 مارس/آذار 2014.[235] ورد في التقرير الطبي أن موسى كان يعاني من تورم في اليدين وإصابة في إصبعه.[236] قال موسى إنه بسبب تهديدات عناصر الأمن، قال للدكتور فودة إنهم لم يضربوه.[237]
المقاضاة والإدانة
اتهم الادعاء موسى ورمضان بمهاجمة مجموعة من عناصر الشرطة لاستدراجهم إلى مكان زُرعت فيه قنبلة. ويُزعم أنه عندما وصل رجال الأمن إلى الموقع، انفجرت القنبلة، ما تسبب في مقتل عنصر وإصابة عناصر آخرين. وبناء على ذلك، اتهمت الحكومة موسى ورمضان بقتل شرطي مع سبق الإصرار والترصد، ومحاولة قتل عناصر آخرين، وجرائم ذات صلة. اتهمت الحكومة عشرة متهمين آخرين بتهم تتعلق بالحادثة نفسها، لكن ليس القتل أو الشروع في القتل.[238]
المحاكمة
استمعت محكمة الدرجة الأولى إلى شهود ادعاء مختلفين، منهم عناصر أمن، وراجعت تقارير الطب الشرعي من مسرح الجريمة، وتشريح جثة المتوفى، وصور خاصة بتمثيل الجريمة، والسجلات الجنائية السابقة لسبعة متهمين، بما في ذلك موسى و"اعترافات" عدد من المتهمين.[239] في 29 ديسمبر/كانون الأول 2014، أدانت المحكمة موسى ورمضان بالقتل وجميع التهم الأخرى الموجهة إليهما. وأدانت المتهمين العشرة الآخرين بالمشاركة في تجمع غير قانوني وحيازة زجاجات حارقة.[240] وقضت هيئة المحكمة برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني بإعدام موسى ورمضان.[241]
لم تربط أي من الأدلة، كما هو موصوف في قرار المحكمة، موسى أو رمضان بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، باستثناء اعترافاتهما واعترافات متهمين آخرين عدة.[242] دفع موسى ورمضان والمتهمين الآخرين الذين أدانت أقوالهم موسى ورمضان، في المحاكمة بأن اعترافاتهم انتُزعت بالإكراه، لكن المحكمة رفضت هذا الدفع.[243]
وجدت المحكمة أن موسى أدلى باعتراف مفصل لدى النيابة العامة "لم يشير لتعرضه لثمة إكراه مادي أو معنوي سوى وجود آثار بمعصمي اليدين من أثر وضع القيد الحديدي... ".[244] كما أشارت المحكمة إلى أن موسى أصيب في ظهره، لكنها خلصت، دون تفسير، إلى أن ذلك كان نتيجة "سقوطه من علو حال محاولته الهرب".[245] على هذه الأسس، صرحت المحكمة بأنها "تسترسل... بثقتها ويطمئن وجدانها إلى أن اعتراف المتهم قد صدر منه عن إرادة حرة طواعية واختيارا وخلا من شائبة الإكراه".[246]
كان تبرير محكمة الدرجة الأولى إشكاليا لعدة أسباب. أولا، وفقا لموسى، شرح في المحاكمة أنه لم يذكر للنيابة العامة تفاصيل الانتهاكات التي تعرض لها لأن العناصر هددوه بمزيد من الأذى الجسدي إذا فعل.[247] ولم تتناول المحكمة هذه النقطة في قرارها. ثانيا، إن استنتاج المحكمة بأن موسى لم يبلغ النيابة العامة بأي شيء يتناقض مع بيانها بأن موسى لم يشر إلى تعرضه للإكراه "سوى وجود آثار بمعصمي اليدين من أثر وضع القيد الحديدي".[248] ثالثا، تعرض موسى لإصابات في يديه التي كانت متورمة، كما أشار طبيب النيابة. تجاهلت المحكمة هذه الإصابات. أخيرا، خلصت المحكمة إلى أن موسى أصاب ظهره عندما حاول الفرار من الاعتقال،[249] لكن حكومة البحرين زعمت لاحقا أن هذه الإصابات موجودة منذ الولادة، ما قوّض أكثر النتائج المتعلقة بالوقائع التي خلصت إليها المحكمة.[250]
لم تتناول المحكمة إطلاقا تأكيد رمضان أن اعترافه نتج عن الإكراه، بخلاف التصريح أنه أدلى بهذا التأكيد. علاوة على ذلك، لم تذكر المحكمة حتى أن المتهمين الأربعة الآخرين الذين ورطوا موسى ورمضان في اعترافاتهم دفعوا في المحاكمة بأن هذه الأقوال منتزعة بالإكراه. لم نعلم بأن هذه الحجج قد قُدمت أثناء المحاكمة إلا لأن محكمة الاستئناف تطرقت إليها عندما نظرت في القضية لاحقا.[251]
محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز
استأنف موسى، ورمضان، والمتهمون الآخرون الحكم. أيدت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الأولى جميع الإدانات والأحكام في رأي سريع بتاريخ 27 مايو/أيار 2015. وبخصوص مزاعم موسى ورمضان بأن اعترافاتهما انتُزعت بالإكراه، أيّدت محكمة الاستئناف رفض محكمة الدرجة الأولى لتلك الدعاوى دون مناقشة ذات مغزى، مشيرة إلى أنها "تشارك محكمة أول درجة في هذا الاستخلاص" أن محكمة الدرجة الأولى بأن "تلك الاعترافات والإقرارات [خلت] من شبهة الإكراه من أي نوع".[252] وبالمثل، رفضت محكمة الاستئناف دفع مدعى عليهم آخرين بأن اعترافاتهم انتزعت منهم بالإكراه، مشيرة إلى أن حكم محكمة أول درجة "تكفل بالرد عليه على نحو سائغ وتؤيده [محكمة الاستئناف] فيما خلص إليه".[253] وهكذا، لم تتناول محكمة الاستئناف أساس الحجج حول الإكراه. وفيما يتعلق برمضان والمتهمين الآخرين، فإن اتفاق محكمة الاستئناف المزعوم مع نتائج محكمة الموضوع بأن هؤلاء الأفراد لم يتعرضوا لسوء المعاملة لا معنى له لأن محكمة الدرجة الأولى لم تتناول هذه الحجج مطلقا.
أيدت محكمة التمييز الإدانات والأحكام في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.[254]
إعادة المحاكمة
بعد ذلك، قدمت النيابة العامة طلبا إلى محكمة التمييز لإعادة النظر في القضية بناء على نتائج لتحقيق وحدة التحقيق الخاصة لم يُفصح عنها سابقا، والتي أثارت تساؤلات حول ما إذا كان رمضان وموسى قد تعرضا لسوء المعاملة.[255] في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وافقت محكمة التمييز على هذا الطلب وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف العليا الجنائية الخامسة لتشكيل لجنة جديدة من القضاة لمراجعة نتائج وحدة التحقيق الخاصة وتحديد صحة الأدلة التي قدمتها السلطات.[256]
أمام محكمة الاستئناف العليا الجنائية الخامسة، دفع رمضان وموسى مرة أخرى بأنهما اعترفا بسبب الإكراه. رفضت محكمة الاستئناف الثانية هذه الحجج، ووجدت أن رأي الاستئناف الأول قد عالج قضية الإكراه بشكل كامل.[257] لكن هذا الاستنتاج غير مبرر لأن قرار الاستئناف الأول صدر قبل أن تؤدي تحقيقات وحدة التحقيق الخاصة إلى إجراءات الاستئناف الثانية.
في حكم الاستئناف الثاني، وجدت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الخامسة أيضا أن حجج الإكراه باطلة لأن المتهمين لم يتقدموا بشكوى إلى النيابة العامة بشأن أي انتهاك.[258] وتجاهل هذا الاستنتاج تأكيد موسى في المحاكمة أنه تعرّض للتهديد حتى لا يتكلم، تماما كما تجاهل حكم الاستئناف الأول تلك الأدلة.
وخلص قرار الاستئناف الثاني كذلك إلى أن تحقيق وحدة التحقيق الخاصة أثبت عدم وجود انتهاكات، على الرغم من أن تحقيق وحدة التحقيق الخاصة هو الذي دفع إلى إجراءات الاستئناف الثانية. وعلى وجه الخصوص، أشار الرأي الثاني إلى أن الطبيب الشرعي وجد إصابة لدى رمضان "بلون بنفسجي فاتح شريطية الشكل بخلفية أعلى الساق اليمنى"، والتي خلص الطبيب إلى وقوعها بعد الاعتراف.[259] ولم تجر المحكمة أي تحقيق في سبب إصابة ساق رمضان التي حدثت بما لا يحتمل الجدل أثناء احتجازه.[260] ويؤكد حجم هذا التقاعس تقرير صادر عن "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب"، وهو منظمة طبية مستقلة، خلص إلى أن هذه الإصابة كانت مثالا نموذجيا للإصابة بضربة هراوة.[261] بالإضافة إلى ذلك، فإن الفكرة القائلة إن الطبيب الشرعي تمكن من الإثبات بشكل قاطع خلال فحص 2 مارس/آذار 2014 أن الإصابة حدثت بعد مقابلة رمضان في 21 فبراير/شباط مع النيابة العامة، وليس قبل ذلك، هي فكرة مشكوك فيها في ظاهرها.[262] حتى لو حدثت هذه الإصابة بعد اعتراف رمضان، فإنها لا تثبت بأي شكل من الأشكال عدم وجود اعتداء جسدي، وكان ينبغي معالجة سببها في تحقيق وحدة التحقيق الخاصة ومن قبل المحكمة.
وفيما يتعلق باستنتاجها أن تحقيق وحدة التحقيق الخاصة أكد أن موسى لم يتعرض لسوء المعاملة، صرّحت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الخامسة كذلك أن الطبيب الشرعي وجد أن: (1) إصابات معصمي موسى يمكن أن تكون ناجمة عن الاستخدام العادي للأصفاد؛ و(2) يمكن أن تكون الإصابات التي لحقت بيديه قد حدثت بسبب "السقوط على اليدين، أو التقييد، أو التسلق" أو لأسباب أخرى غير محددة.[263] من غير الواضح تماما كيف يمكن لمثل هذه النتائج الغامضة أن تقود محكمة محايدة إلى استنتاج نهائي مفاده أن الاعتراف لم يكن بالإكراه. كما أنه من غير الواضح كيف يمكن أن يتسبب الاستخدام الصحيح للأصفاد بإصابة المعصمين، ناهيك عن تورم اليدين. قبلت المحكمة كذلك ما خلص إليه طبيب شرعي من أن إصابات ظهر موسى موجودة منذ الولادة،[264] دون محاولة التوفيق بين هذا الاستنتاج وقرار محكمة الدرجة الأولى بأن الإصابة نتجت عن السقوط أثناء محاولة الفرار المزعومة.[265]
أثار قرار الاستئناف الثاني مخاوف إضافية بشأن إدانة موسى ورمضان من خلال الإشارة إلى أن الكيس الذي قيل إنه يحتوي على القنبلة التي قتلت الشرطي وجد عليه حمض نووي لامرأة مجهولة الهوية، ولكن غير عائد إلى موسى أو رمضان.[266] لم يتطرق أي قرار محكمة سابق إلى هذه الأدلة، والتي كانت، على الأقل، غير متوافقة مع الافتراض القائل إن أيا من المتهمين قد زرع الكيس. وجاء في قرار الاستئناف الثاني ببساطة أنه ليس من المناسب مناقشة مثل هذه القضايا في الاستئناف.[267]
في 13 يوليو/تموز 2020، أيدت محكمة التمييز مجددا حكمَي الإعدام بحق رمضان وموسى.[268]
انتهاكات القانون الدولي
شابت محاكمة رمضان وموسى أوجه تقاعس عن الامتثال للقانون الدولي ونصوص مقابلة في القانون البحريني، وأوجه التقاعس التي تفاقمت بسبب قرارات الاستئناف اللاحقة ومحكمة التمييز. الدليل الوحيد ضد رمضان وموسى مستمد من اعترافاتهما واعترافات المتهمين الآخرين. ادعى هؤلاء جميعا أن أقوالهم انتزعت بالإكراه، وهناك أدلة طبية لا جدال فيها على وقوع إصابات لدى رمضان وموسى تتفق مع هذه المزاعم، وكانت كافية لتدفع النيابة العامة ومحكمة التمييز إلى الاستنتاج أنه من الضروري إعادة جلسة الاستماع.[269]
لم تكن معالجة هذه القضايا من قبل المحاكم على كل المستويات كافية إطلاقا، ما عدا قرار محكمة التمييز بإعادة جلسة الاستماع. لتحديد أن اعتراف موسى كان صحيحا، توصلت محكمة الدرجة الأولى إلى استنتاجات بشأن بعض الإصابات كانت غير متسقة لا فيما بينها ولا مع النتائج اللاحقة لمحاكم الاستئناف، وتجاهلت الأدلة على الإصابات الأخرى. أما بالنسبة لرمضان والمتهمين الآخرين، فقد تجاهلت المحكمة ببساطة حججهم. صادقت محكمة الاستئناف الأولى بدون تمحيص على النتائج التي توصلت إليها محكمة البداية بشأن موسى وأعربت عن موافقتها على "الاستخلاص" التي قالت إن المحكمة قدمتها بشأن اعترافات رمضان والمتهمين الآخرين – وهو "استخلاص" لم تتوصل إليه محكمة الدرجة الأولى قط.
بعد أن أعادت محكمة التمييز القضية للنظر فيها في ضوء تحقيق وحدة التحقيق الخاصة، أكدت هيئة الاستئناف الثانية الإدانات التي استندت جزئيا إلى استدلال محكمة الاستئناف الأولى، على الرغم من أن المحكمة الأولى كانت قد نظرت في القضية قبل ظهور نتائج تحقيق وحدة التحقيق الخاصة. كما وجدت لجنة الاستئناف الثانية، على نحو متناقض، أن تحقيق وحدة التحقيق الخاصة أظهر أنه لم يؤد أي انتهاك إلى اعترافات رمضان وموسى، على الرغم من أن هذا التحقيق دفع النيابة العامة إلى طلب إعادة فتح القضية، ومحكمة التمييز إلى إعادة جلسة الاستماع. واعتمدت محكمة الاستئناف الثانية كذلك على استنتاجات مشكوك فيها بشأن توقيت الإصابات لدى رمضان ولم تبذل أي محاولة لاكتشاف سبب الإصابة الكبيرة التي من الواضح أنه تعرض لها أثناء الاحتجاز. كما وجدت أن موسى لم يتعرض لسوء المعاملة قبل اعترافه، بناء على أقوال الأطباء الذين قالوا إنهم غير متأكدين من سبب إصاباته.
يشير اعتماد المحاكم الوحيد والمتكرر على الاعترافات المنتزعة بالإكراه للحكم على رمضان وموسى بالإعدام بوضوح إلى أن الدولة لم تحترم افتراض البراءة. هذه المخاوف خطيرة هنا، ليس فقط بسبب فرض عقوبة الإعدام، ولكن أيضا لأن أدلة الحمض النووي أظهرت أن امرأة مجهولة الهوية، وليس المتهمين، قد تعاملت مع الحقيبة التي يُزعم أنها تحمل القنبلة، كما وصفت هيئة الاستئناف الثانية. اللافت أن محكمة الدرجة الأولى وهيئة الاستئناف الأولى ومحكمة التمييز لم تذكر قط مثل هذه الأدلة.
قضايا الإعدام التي تنطوي على جرائم المخدرات
تحكم المحاكم في البحرين بالإعدام في جرائم المخدرات غير العنيفة، منتهكةً بذلك القانون الدولي، و"الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، وإقرار حكومة البحرين بأنه لا يجوز تطبيق عقوبة الإعدام إلا على "أشد الجرائم خطورة".[270] وبشكل أكثر تحديدا فإن هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لطالما فسرت المادة 6 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنها تحد بشكل صارم من أنواع الجرائم التي يُسمح بتطبيق الإعدام فيها، مع استبعاد جرائم المخدرات صراحةً من هذه العقوبة.[271] ينص الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي وقّعت عليه البحرين، على أنه "لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام إلا في الجنايات بالغة الخطورة وفقا للتشريعات النافذة وقت ارتكاب الجريمة وبمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".[272] زعمت حكومة البحرين نفسها أن عقوبة الإعدام لا تُطبق إلا كعقوبة على جرائم بالغة الخطورة، مثل القتل العمد مع سبق الإصرار كظرف من الظروف المشددة.[273]
في 2019، فسرّت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المادة 6 من العهد الدولي لحماية الحق في الحياة على مستوى أعلى، حيث قالت: "تكفل المادة 6 من العهد هذا الحق لجميع البشر، بلا تمييز من أي نوع، بمن في ذلك الأشخاص المشتبه فيهم أو المدانون حتى بارتكاب أشد الجرائم خطورة".[274] في 2020، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمرة الثامنة منذ 2007، قرارا يدعو إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام، بهدف إلغاء العقوبة.[275] وبناء على ذلك، هناك سلطة جوهرية للمبدأ القائل بأنه سواء تم اعتبار الجريمة من "أشد الجرائم خطورة" أم لا، يجب عدم تطبيق عقوبة الإعدام؛ وهناك عدد متزايد من البلدان التي تشترك في هذا الرأي.[276] بالحد الأدنى، لا يمكن سوى "للجرائم الأكثر خطورة" أن تستدعي عقوبة الإعدام.
بين 2018 و2020، حكمت المحاكم البحرينية بالإعدام أو أيدت أحكام الإعدام بحق خمسة أفراد على الأقل أدينوا بجرائم تتعلق بالحشيش.[277] لا يوجد أساس شرعي لاعتبار مثل هذه الجرائم من بين "الجرائم الأكثر خطورة".
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، حكمت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى على سبعة أشخاص أدينوا بالانتماء إلى شبكة مخدرات وجرائم ذات صلة.[278] حكمت المحكمة على اثنين من المتهمين بالإعدام وغرامة 10 آلاف دينار بحريني (تقريبا 26,500 دولار أمريكي).[279]
وفي قضية أخرى، أدين صالح جاسم المدفعي وعيسى محمد إبراهيم الجاسم، وهما مواطنان بحرينيان، بتهمة استيراد مواد مخدرة بقصد الاتجار بها.[280] حكمت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى في 27 فبراير/شباط 2019 على المدفعي والجاسم بالإعدام بتهمة حيازة المخدرات وزراعتها. أيدت محكمة الاستئناف والتمييز حكمَيْ الإعدام بحقهما. [281]
شكر وتقدير
قام جوشوا كولانجيلو-بريان، مستشار في هيومن رايتس ووتش ومستشار في مكتب "دورسي آند ويتني" في نيويورك، وأنابيل كاسادي، وأندرو كويكان، وأليسا شايفر من دورسي آند ويتني ولورا كفاسنيكا، وإيما راسل، وأوليفيا ماكوارى من دورسي آند ويتني سابقا، بإجراء البحوث وكتابة هذا التقرير. أجرى سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ور.م.، مساعد في برامج البحوث والمناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، وآية مجذوب، الباحثة في هيومن رايتس ووتش، المقابلات وقدموا بحوثا إضافيا للتقرير.
راجع التقرير جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. قدم كل من توم بورتيوس، نائب مدير برامج هيومن رايتس ووتش، وكلايف بالدوين، مستشار قانوني أول في هيومن رايتس ووتش، مراجعة الخبراء. أعد التقرير للنشر من هيومن رايتس ووتش منسقو قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنسق المطبوعات الأول ترافيس كار، والمدير الإداري الأول فيتزروي هوبكنز.
شكر خاص لـ دورسي آند ويتني على دعمهم المجاني، ولأولئك الذين وردت أسماؤهم في التقرير، والذين حجبنا أسماءهم بناء على طلبهم أو لأسباب أمنية، لمشاركتهم تجاربهم وآراءهم معنا.