أعلنت الحكومة السريلانكية أنها ستنهي أخيرا سياستها التي لا أساس طبيا لها، المتمثلة في "الحرق القسري" لجثث موتى كورونا، وهو القرار الذي رحبت العائلات المسلمة التي تدفن موتاها لأسباب دينية. لكن الحكومة أضافت بعد ذلك شرطا غير ذي صلة، بأن يتم الدفن في جزيرة إيرانايتيفو الصغيرة شمالي غرب البلاد، ومعظم سكانها من التاميل الكاثوليك الذين ناضلوا لعقود لاسترجاع أراضيهم بعد أن استولت البحرية السريلانكية عليها عام 1992.
بعد أشهر من الإدانة من زعماء مختلف الديانات السريلانكيين، و"منظمة التعاون الإسلامي"، وأخصائيي الصحة، وخبراء "الأمم المتحدة"، أعلنت الحكومة التنازل عن قرارها عندما هُدّدت بإصدار قرار ضدها في "مجلس حقوق الإنسان" الأممي. وقد سعت الحكومة على ما يبدو إلى ثني الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عن دعم مشروع القرار، الذي يهدف إلى تعزيز المساءلة عن انتهاكات الحقوقية السابقة ومنع انتهاكات مستقبلية.
بمرسومها الذي يُلزم بالدفن في إيرانايتيفو بدلا من المقابر العادية في جميع أنحاء البلاد، تستبدل الحكومة إجراءً يستهدف العائلات المسلمة المفجوعة بآخر. كما أنها ربطت بلا مسوّغ معقول هذه القضية بأخرى منفصلة تتعلق بفئة مستضعفة أخرى: سكان الجزيرة الذين ناضلوا لعقود من أجل العودة إلى ديارهم.
تبنّت حكومة غوتابايا راجابسكا القومية السنهالية منذ توليها السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 سياسات وممارسات عديدة تميز ضد الأقليتين المسلمة والتاميل. فقد منعت السلطات احتفال التاميل بمناسباتهم التذكارية، ودمّرت نُصُبا تذكارية للحرب، وصعّدت الانتهاكات ضد المعابد الهندوسية.
واصلت حكومة راجاباكسا المضايقات والاعتداءات التي كان يتعرض لها المسلمون من قبل. عندما تعرض مسلمون لهجوم من قبل حشود من المتعصبين القوميين في 2018، تضمن خطاب الكراهية الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرئيسية شائعات كاذبة بأن المسلمين يتآمرون لتعقيم النساء البوذيات، أدت إلى اعتقال طبيب مسلم، ومقاطعة مطاعم المسلمين. وفي أعقاب تفجيرات عيد الفصح التي حملت تأثير تنظيم "داعش" في 2019، مُنعت النساء اللاتي يرتدين الزي الإسلامي من دخول المباني العامة. في 2020، خلال تفشي فيروس "كورونا"، اتهمت وسائل الإعلام الموالية للحكومة المسلمين بنشر الفيروس عمدا.
تصعيد الانتهاكات ضد أقليات سريلانكا يجعل من الضروري أن يتبنى مجلس حقوق الإنسان قرارا صارما في دورته الحالية. لن تتوقف سياسات الحكومة السريلانكية القاسية، وغير المبررة، والتعسفية حتى يخرج العالم عن صمته.