الأبعاد الحقوقية في الاستجابة لفيروس "كورونا" المستجد
في 11 مارس/آذار 2020، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" أن تفشّي مرض "كوفيد-19" الناتج عن فيروس "كورونا" المستجد – الذي ظهر للمرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان الصينية – قد بلغ مستوى الجائحة، أو الوباء العالمي. دعت المنظمة الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وأكثر صرامة لوقف انتشار الفيروس، معللة ذلك بمخاوف بشأن "المستويات المقلقة للانتشار وشدّته".
يكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويُلزِم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها. يقرّ قانون حقوق الإنسان أيضا بأنّ القيود التي تُفرَض على بعض الحقوق، في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة التي تهدّد حياة الأمة، يُمكِن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية، بناءً على أدلة علمية، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ولفترة زمنية محددة، وتحترم كرامة الإنسان، وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.
من الواضح أنّ وباء كوفيد-19، بمدى اتساعه وخطورته، يرقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة ويمكن أن يبرّر فرض قيود على بعض الحقوق، مثل تلك التي تنجم عن فرض الحجر الصحي أو العزل الذي يحدّ من حرية التنقل. في الوقت نفسه، من شأن الاهتمام الدقيق بحقوق الإنسان )مثل عدم التمييز( ومبادئ حقوق الإنسان) مثل الشفافية واحترام الكرامة الإنسانية( أن تعزز الاستجابة الفعالة في خضمّ الاضطراب الحتمي الذي يحصل في أوقات الأزمات، والحدّ من الأضرار التي قد تنجر عن فرض التدابير الفضفاضة التي لا تُراعي المعايير المذكورة أعلاه.
هذه الوثيقة تقدّم لمحة عن المخاوف الحقوقية التي يفرضها تفشي فيروس كورونا، بالاعتماد على أمثلة عن استجابة الحكومات حتى الآن، وتوصي بأساليب يُمكن للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى اعتمادها لضمان احترام حقوق الإنسان عند استجابتها للوباء العالمي.
المحتوى
حماية حرية التعبير وضمان الوصول إلى المعلومات الهامة
ضمان امتثال الحجر الصحي والإغلاق وحظر السفر للمعايير الحقوقية
حماية الأشخاص المحتجزين وفي المؤسسات الرعائية
ضمان حماية العاملين في مجال الصحة
إعمال الحق في التعليم – حتى إذا كانت المدرسة مغلقة مؤقتا
معالجة الآثار غير المتناسبة على النساء والفتيات
القضاء على التمييز والوصم وحماية خصوصية المرضى
ضمان حصول الفئات المهمشة على الرعاية الصحية دون تمييز
حماية المجتمع ومنظمات المجتمع المدني
تعزيز الحق في الماء والصرف الصحي
ضمان استمرار المساعدات الإنسانية
التركيز على الإغاثة الاقتصادية لمساعدة العمال المحدودي الدخل
ما الذي تفعله "هيومن رايتس ووتش"؟
كوفيد-19 هو مرض معدٍ يسببّه فيروس كورونا المستجد (فيروس كورونا) الذي اكتُشف أوّل مرة في ديسمبر/كانون الأول 2019. فيروسات كورونا هي عائلة فيروسية تُسبب التهابات تنفسية. حتى الآن لا يوجد لقاح للوقاية من فيروس كورونا، وليس هناك دواء لعلاج المرض الناتج عنه، باستثناء التعامل مع أعراضه.
بحلول منتصف مارس/آذار 2020، أعلنت أكثر من 150 دولة أنها سجّلت حالات إصابة بفيروس كورونا، وأفادت منظمة الصحة العالمية أن عدد الحالات تجاوز 200 ألف عالميا. كما تُوفي أكثر من 7 آلاف شخص، والأرقام مستمرة في الارتفاع بوتيرة مُفزِعة.
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي صادقت عليه أغلب الدول، يحق لكلّ إنسان "التمتع بأعلى مستوى من الصحة [البدنية] والعقلية يمكن بلوغه". الحكومات مُلزمة باتخاذ التدابير الفعالة "للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطّنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها".
قالت "اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، التي ترصد التزام الدول بالعهد:
يرتبط الحق في الصحة ارتباطا وثيقا بإعمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة.
الحق في الصحة يقتضي أن تكون المرافق، والسلع، والخدمات الصحية:
- متوفرة بالكميات الكافية،
- متاحة للجميع دون تمييز، وبأسعار معقولة للجميع، حتى الفئات المهمشة،
- مقبولة، أي أنها تحترم أخلاقيات مهنة الطب ومتناسبة ثقافيا،
- مناسبة علميا وطبيا، وعالية الجودة.
تقدّم كل من "مبادئ سيراكوزا"، التي اعتمدها "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" التابع للأمم المتحدة عام 1984، والتعليقات العامة لـ "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة" بشأن حالات الطوارئ وحرية التنقل، توجيها ملزما حول ردود الحكومة التي تقيّد حقوق الإنسان لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو الطوارئ الوطنية. كل التدابير التي تُتخذ لحماية الناس والتي تقيّد حقوقهم وحرياتهم يجب أن تكون قانونية، وضرورية، ومتناسبة. يجب أن تكون حالات الطوارئ أيضا محددة زمنيا، وكل تقييد للحقوق يجب أن يراعي الأثر غير المتناسب على مجموعات سكانية أو فئات مهمشة بعينها.
في 16 مارس/آذار 2020، قالت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان الأمميين إن "إعلان حالات الطوارئ القائمة على تفشي فيروس كورونا ينبغي ألا تُستخدم كأساس لاستهداف مجموعات أو أقليات أو أفراد معينين. لا ينبغي أن تكون بمثابة غطاء لعمل قمعي تحت ستار حماية الصحة... أو أن تُستخدم ببساطة لقمع المعارضة".
تنصّ مبادئ سيراكوزا على وجه التحديد على أن تكون القيود على الأقل:
- مُحدّدة ومُطبّقة بما يتماشى مع القانون؛
- موجّهة نحو هدف مشروع للمصلحة العامة؛
- ضرورية للغاية في مجتمع ديمقراطي لتحقيق هدف ما؛
- الأقل تدخلا وتقييدا لبلوغ هدف ما؛
- مستندة إلى أدلة علمية، وليست تعسفية أو تمييزية عند التطبيق؛ و
- محددة زمنيا، وتحترم كرامة الإنسان، وخاضعة للمراجعة.
حماية حرية التعبير وضمان الوصول إلى المعلومات الهامة
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحكومات مُلزمة بحماية الحق في حرية التعبير، بما في ذلك الحق في التماس واستلام ونشر جميع أنواع المعلومات، بغض النظر عن أيّة حدود. القيود المسموح بها على حرية التعبير لأسباب تتعلق بالصحة العامة، المذكورة أعلاه، يجب ألا تعرّض هذا الحق للخطر.
الحكومات مسؤولة عن تقديم المعلومات اللازمة عن حماية الحقوق وتعزيزها، بما يشمل الحق في الصحة. ترى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنّ "توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع، بما في ذلك طرق الوقاية والمكافحة"، هي "التزامات ذات أولوية". الاستجابة لفيروس كورونا بطريقة تحترم الحقوق يجب أن تضمن وجود معلومات دقيقة وحديثة حول الفيروس، والوصول إلى الخدمات، وانقطاع الخدمات، والجوانب الأخرى المتعلقة بالاستجابة لتفشي الفيروس، وأن تكون هذه المعلومات متاحة بسهولة للجميع.
في عدد من الدول، لم تحترم الحكومات الحق في حرية التعبير، واتخذت تدابير ضدّ الصحفيين والعاملين في الرعاية الصحية، ما قلّل فاعلية التواصل عند بداية تفشي المرض، وقوّض الثقة في عمل الحكومة:
في البداية، أخفت الحكومة الصينية عن الجمهور معلومات أساسية عن فيروس كورونا، وقلّلت من الإبلاغ عن وجود الإصابات وشدّتها، وتجاهلت احتمال انتقاله بين البشر. احتجزت السلطات أيضا أشخاصا بسبب نشر تقارير عن الوباء على وسائل التواصل الاجتماعي، ومستخدمي الانترنت بسبب "ترويج الإشاعات"، وفرضت رقابة على النقاشات المتعلقة بالوباء على الانترنت، وكبحت تغطية وسائل الإعلام. في مطلع يناير/كانون الثاني، استدعي لي وينليانغ، وهو طبيب في مستشفى في ووهان حيث كان يُعالَج المصابون، من قبل الشرطة بتهمة "ترويج الإشاعات"، بعد أن حذّر من الفيروس الجديد في غرفة دردشة على الإنترنت. توفي هذا الطبيب في مطلع فبراير/شباط بسبب الفيروس.
في إيران، ظهر تفشي المرض بعد أن قوّضت السلطات ثقة الجمهور بشكل كامل من خلال قمعها الوحشي للاحتجاجات الواسعة ضدّ الحكومة وكذبها بشأن إسقاط طائرة مدنية. نتيجة لذلك، واجهت السلطات الإيرانية مشاكل في طمأنة الناس بأن قرارات الحكومة بشأن تفشي الفيروس كانت في مصلحتهم. الأعداد الكبيرة وغير المعتادة لحالات الإصابة بالفيروس لدى المسؤولين الحكوميين، وكذلك تضارب الأرقام المعلنة من قبل المسؤولين والمصادر الصحفية المحلية، زادت المخاوف من أن تكون البيانات خاطئة بشكل مقصود أو أُسيء جمعها وتحليلها.
في تايلند، واجه أشخاص من قطاع الصحة العامة وصحفيون تحدثوا على الإنترنت ملاحقات قضائية انتقامية من السلطات بهدف ترهيبهم بعد أن انتقدوا استجابة الحكومة لتفشي الوباء، وأثاروا مخاوف من احتمال وجود تستّر، ونشروا تقارير عن فساد مزعوم يتعلق بتكديس الأقنعة الجراحية ولوازم أخرى والتربّح من ذلك. بعض الموظفين الطبيين واجهوا أيضا تهديدات بإجراءات تأديبية – تشمل إلغاء عقود وتراخيص العمل – بسبب التحدث عن النقص الحاد في المعدات الأساسية في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.
بعض البلدان أعطت أولوية للتواصل المفتوح والتغطية الشفافة لعدد الحالات:
اتخذت تايوان خطوات سريعة لمكافحة الفيروس، شملت إتاحة معلومات موثوقة على نطاق واسع للجمهور. كما سعت الإحاطات الإعلامية اليومية التي يقدمها مسؤولو الصحة وإعلانات الخدمة العامة إلى مواجهة المعلومات الخاطئة، وساعدت على تقليص الذعر واسترجاع ثقة الناس والتشجيع على مساعدة الآخرين في الأزمة.
نشرت حكومة سنغافورة بشكل منتظم إحصائيات تفصيلية حول عدد ونسبة الإصابات والتعافي.
حكومة كوريا الجنوبية نشرت أيضا بيانات صحية، وقدّم مسؤولون في قطاع الصحة إحاطتين إعلاميتين يوميا لبناء ثقة الجمهور وتعزيز يقظة المواطنين.
في إيطاليا، قد تكون التصاريح المتضاربة التي صدرت عن مسؤولين حكوميين، بما في ذلك لأسباب سياسية داخلية، قد قلّصت في البداية تأثير الإعلانات العامة المتعلقة بالنظافة والتباعد الاجتماعي. نظّمت الحكومة مؤتمرات صحفية يومية لتقديم البيانات، ونفذّت حملة عامة مكثّفة عن الممارسات الفضلى لحماية الذات والآخرين من انتشار الفيروس.
التوصيات:
ينبغي للحكومات أن تحترم بالكامل الحق في حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، وأن تقيّدهما فقط في إطار ما تسمح به المعايير الدولية.
ينبغي للحكومات التأكد من أنّ المعلومات التي تقدّمها للجمهور عن فيروس كورونا دقيقة، وفي وقتها، ومتسقة مع مبادئ حقوق الإنسان. ذلك مهمّ لمعالجة المعلومات الكاذبة والمضلّلة.
ينبغي أن تكون جميع المعلومات المتعلقة بفيروس كورونا متاحة وبلغات متعددة، بما في ذلك للأشخاص الذين يجيدون، أو لا يجيدون، القراءة والكتابة. يشمل ذلك إتاحة الإعلانات التلفزيونية بلغة الإشارة عبر مترجمين فوريين مؤهلين، كما فعلت تايوان؛ وإتاحة مواقع إلكترونية يسهل الوصول إليها للأشخاص الذين لديهم إعاقة في البصر والسمع والتعلم وغير ذلك؛ وإتاحة الخدمات عبر الهاتف التي تشمل إمكانية التواصل النصيّ للأشخاص الصمّ أو الذين لديهم صعوبة في السمع. ينبغي أيضا أن تستخدم عمليات التواصل لغة بسيطة لتحقيق أفضل فهم ممكن. يتعين كذلك تقديم معلومات للأطفال تكون مناسبة لأعمارهم لمساعدتهم على اتخاذ خطوات لحماية أنفسهم.
البيانات الصحية لها حساسية خاصة، ونشر المعلومات على الانترنت قد يُشكّل خطرا كبيرا على الأشخاص المصابين، لا سيما من هم في مواضع ضعف وتهميش في المجتمع. ينبغي أن يكون الاستخدام المناسب للبيانات الصحية الشخصية محكوما بضمانات قانونية قائمة على الحقوق.
ينبغي الحفاظ على وصول موثوق وغير مقيّد إلى الإنترنت، ويتعيّن اتخاذ خطوات لضمان إتاحة وصول ذوي الدخل المنخفض إلى الانترنت. التعهّد الذي قطعته "هيئة الاتصالات الفدرالية الأمريكية" بـ "إبقاء الأمريكيين على اتصال" يُلزم الشركات بعدم قطع الخدمات عن الزبائن العاجزين عن دفع فواتيرهم بسبب الاضطرابات التي سببها الوباء، وإعفائهم من أي رسوم تأخير، وفتح نقاط الاتصال اللاسلكي بالإنترنت "واي-فاي" لأي أمريكي يحتاجها. يُمكن اتخاذ خطوات أخرى لرفع سقف حجم البيانات المتاحة (Data Caps)، ومضاعفة السرعة، وإلغاء شروط الأهلية في أي باقات تستهدف ذوي الدخل المنخفض أثناء استمرار الوباء.
ضمان إخضاع الحجر الصحي، والإغلاق، وحظر السفر للمعايير الحقوقية
يتطلّب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، أن تكون القيود المفروضة على الحقوق لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو الطوارئ الوطنية قانونية، وضرورية، ومتناسبة. يجب أن تُنفَّذ القيود المتعلقة بمسائل مثل الحجر الصحي الإلزامي وعزل الأشخاص الذين يحملون الأعراض بما يتماشى مع القانون. يجب أن تكون ضرورية للغاية لتحقيق هدف مشروع، استنادا إلى أدلّة علميّة، ومتناسبة مع ذلك الهدف، وليست تعسفية ولا تمييزية عند تطبيقها، ولها مدة زمنية محددة، وتحترم الكرامة الإنسانية، وقابلة للمراجعة.
قرارات الحجر الصحي ومنع الخروج لفترات لامتناهية نادرا ما تستجيب لهذه المعايير، وكثيرا ما تُفرض بسرعة، دون ضمان أي حماية للخاضعين للحجر الصحي – وخاصة الفئات المعرّضة للخطر. نظرا لأن مثل هذه القرارات يصعب فرضها وتنفيذها بشكل موحّد، فهي غالبا ما تكون تعسفية وتمييزية عند التطبيق.
تحمي حرية التنقل المكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، من حيث المبدأ، حق كل شخص في مغادرة أي بلد، ودخول بلد جنسيته، وحق كل شخص موجود بشكل قانوني في بلد ما في التنقل بحرية داخل كل أراضي ذلك البلد. لا يُمكن فرض قيود على هذه الحقوق إلا إذا كانت مشروعة، ولهدف مشروع، على أن تكون متناسبة، بما يشمل النظر في تأثيرها. قرارات حظر السفر وتقييد حرية التنقل يجب ألا تكون تمييزية، أو تحرم الأشخاص من الحق في التماس اللجوء، أو تنتهك الحظر المطلق على إعادة الأشخاص إلى أماكن يواجهون فيها الاضطهاد أو التعذيب.
الحكومات لها سلطة واسعة بموجب القانون الدولي بحظر دخول الزائرين والمهاجرين من دول أخرى. غير أن قرارات حظر السفر المحلية والدولية تاريخيا لها فاعلية محدودة في منع انتقال العدوى، بل قد تزيد في الواقع من انتشار المرض إذا فرّ الأشخاص من مناطق الحجر الصحي قبل فرض حظر السفر.
في الصّين، فرضت الحكومة حجرا صحيا واسعا لا يحترم كثيرا حقوق الإنسان:
في منتصف يناير/كانون الثاني، فرضت السلطات الصينية حجرا صحيا على قرابة 60 مليون شخص في يومين في محاولة للحدّ من انتقال العدوى من مدينة ووهان في مقاطعة هوباي، التي اكتُشف فيها الفيروس أول مرة، رغم أن 5 ملايين شخص، من مجموع 11 مليون يسكنون ووهان، كانوا قد غادروا المدينة عند بدء الحجر. عبّر الكثير من سكان المدن التي فرض عليها الحجر الصحي عن صعوبات في الحصول على رعاية طبية وضرورات حياتية أخرى، وظهرت قصص مخيفة عن الموت والأمراض: توفي صبي لديه شلل دماغي لأنه لم يجد من يعتني به بعد أن أُخذ والده إلى الحجر الصحي. توفيت امرأة مصابة بسرطان الدم بعد أن رفض العديد من المستشفيات استقبالها بسبب مخاوف من انتقال العدوى. استماتت أم في مناشدة الشرطة كي تسمح لابنتها المريضة بسرطان الدم بعبور نقطة تفتيش على جسر حتى تتلقى علاجا كيميائيا. توفي رجل لديه مرض كلوي بعد أن قفز من شرفة شقته لأنه لم يتمكن من الوصول إلى مرافق غسيل الكلى. أفادت تقارير أيضا بأن السلطات استخدمت تدابير احتواء تعسفية مختلفة، شملت إغلاق أبواب منازل العائلات التي يُشتبه في إصابتها باستخدام قضبان حديدية، واعتقال الأشخاص بسبب رفض وضع الأقنعة، وتسيير طائرات بدون طيّار فيها مكبرات صوت لتوبيخ الأشخاص الذين يخرجون دون أقنعة. لم تفعل السلطات الكثير لمكافحة التمييز ضدّ سكان ووهان أو مقاطعة هوباي الذين يسافرون إلى مناطق أخرى في الصين.
في إيطاليا، فرضت الحكومة منع خروج، لكن فيه حماية أكبر للحقوق الفردية. تبنّت الحكومة الإيطالية تدابير تقييدية تدريجية منذ أول انتشار كبير للإصابة بفيروس كورونا في البلاد في أواخر فبراير/شباط. في البداية، وضعت السلطات عشر بلدات في إقليم لومبارديا وبلدة في مقاطعة فينوتو تحت الحجر الصحي الصارم، ومنعت السكان من مغادرتها. في الوقت نفسه، أغلقت المدارس في الأماكن المتضررة. ثم في 8 مارس/آذار، بعد ارتفاع عدد الحالات والعبء المتزايد على النظام الصحي، فرضت الحكومة مجموعة كبيرة من التدابير الجديدة على شمال البلاد، والتي أضافت الكثير من القيود المشددة على التنقل والحريات الأساسية. في اليوم التالي، شملت هذه التدابير باقي البلاد. شملت التدابير الإضافية قيودا على السفر باستثناء العمل الأساسي أو لأسباب صحية (بناء على ما يصرح عليه الشخص المعني)، وإغلاق جميع المراكز الثقافية (قاعات السينما والمتاحف)، وإلغاء الفعاليات الرياضية والتجمعات العامة. في 11 مارس/آذار، أغلقت الحكومة جميع الحانات والمطاعم والمتاجر، باستثناء أسواق الطعام والصيدليات (وبعض الاستثناءات الأخرى) في كل أنحاء البلاد. يواجه مخالفو قيود السفر دون سبب وجيه غرامة مالية قيمتها 206 يورو والسجن ثلاثة أشهر. أُغلِقت أيضا جميع المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد. سُمح للناس بالخروج فقط لشراء المواد الأساسية أو ممارسة الرياضة أو العمل (في حال استحال القيام به من المنزل) أو لأسباب صحية (منها رعاية الأقارب المرضى).
تعاملت حكومات أخرى، مثل كوريا الجنوبية وهونغ كونغ وتايوان وسنغافورة، مع تفشي المرض دون فرض قيود شاملة على الحرية الشخصية، لكنها قلّصت عدد المسافرين من بلدان أخرى تفشى فيها المرض بشكل كبير. في كوريا الجنوبية، اعتمدت الحكومة اختبارا استباقيا ومكثفا لفيروس كورونا. ركزت على تحديد بؤر العدوى، وأجرت عددا كبيرا من الاختبارات للأشخاص المعرضين لخطر العدوى مجانا، وعقّمت الشوارع في المناطق التي فيها أعداد مرتفعة من الإصابات، وأنشأت مراكز تسمح للأشخاص بالخضوع للفحص وهم في سياراتهم، وشجّعت التباعد الاجتماعي. في هونغ كونغ، بُذِلت جهود متسقة للتشجيع على التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين، ووضع الأقنعة. حدّدت تايوان استباقيا المرضى الذين احتاجوا إلى رعاية صحية ويظهرون أعراض أمراض تنفسية، وأخضعت بعضهم لاختبار فيروس كورونا. أنشأت أيضا نظاما يُنذر السلطات استنادا إلى سجلّ سفر الشخص والأعراض أثناء مراجعة العيادات للمساعدة على تحديد الإصابات ورصدها. تبنّت سنغافورة برنامج يتتبع اتصال الذين ثبتت إصابتهم بالعدوى بأشخاص آخرين، من بين إجراءات أخرى. غير أن قرار الحكومة بترحيل أربعة عمال أجانب بسبب خرقهم إجازة إلزامية من العمل لمدة 14 يوما ومنعهم من العمل في البلاد أثار مخاوف بشأن العقوبات غير المتناسبة.
التوصيات:
يتعين على الحكومات تجنب القيود الشاملة والفضفاضة للغاية على التنقل والحرية الشخصية، وأن تلجأ إلى القيود الإلزامية فقط عندما تكون مبررة علميا وضرورية وبعد تأمين آليات لدعم المتضررين. ذكرت رسالة من أكثر من 800 خبير في الصحة العامة والقانون في الولايات المتحدة أنه "يُرجّح أنّ إجراءات العزل الذاتي الطوعية [مقترنة بالتثقيف والفحص الواسع والوصول الشامل إلى العلاج] تُحفّز التعاون وتصون ثقة الجمهور أكثر من التدابير القسرية، ويُرجّح أنها تمنع محاولات تجنب التعامل مع النظام الصحي".
عندما يُفرَض الحجر الصحي أو الإغلاق، تكون الحكومات مُلزمة بضمان الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية ودعم مقدمي الرعاية. يعتمد الكثير من كبار السن وذوي الإعاقة على استمرار الخدمات المنزلية والمجتمعية. ضمان استمرار هذه الخدمات والعمليات يعني أنّ الأجهزة العامة، والمنظمات المجتمعية، ومزودي خدمات الرعاية الصحية، ومزودي الخدمات الضرورية الأخرى يستطيعون الاستمرار في أداء مهامهم الضرورية لتلبية احتياجات كبار السن وذوي الإعاقة. ينبغي أيضا أن تقلّص استراتيجيات الحكومة انقطاع الخدمات وتوفّر مصادر طارئة للخدمات المماثلة. انقطاع الخدمات المجتمعية قد يؤدي إلى إيداع ذوي الإعاقة وكبار السن في مؤسسات، ما قد يؤدي إلى نتائج صحية سلبيّة، تشمل الوفاة، كما هو موضّح أعلاه.
حماية المحتجزين والأشخاص في المؤسسات الرعائية
كوفيد-19، مثل الأمراض المُعدية الأخرى، يشكل خطرا أكبر على الأشخاص الذين يعيشون على مسافة قريبة من بعضهم البعض. يؤثر بشكل غير متناسب على كبار السن والأشخاص الذين لديهم أمراض كامنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والأمراض التنفسية المزمنة، وارتفاع ضغط الدم. 80% من الذين توفوا بسبب فيروس كورونا في الصين كانوا فوق سن 60 سنة.
هذا الخطر يزداد حدة بشكل خاص في مراكز الاحتجاز، مثل السجون ومراكز احتجاز المهاجرين، وكذلك المؤسسات التي يعيش فيها ذوو الإعاقة، ودور العناية بكبار السنّ، حيث يستطيع الفيروس الانتشار بسرعة، لا سيما إذا كان الحصول على الرعاية الصحية ضعيفا بالأصل. الدول مُلزمة بضمان الرعاية الصحية للمحتجزين لديها، على أن تكون متساوية على الأقل مع الرعاية المتاحة لعامة الناس، وعليها ألا تمنع أو تقيّد حصول المحتجزين، بما يشمل طالبي اللجوء والمهاجرين الذين لا يحملون وثائق، على نفس القدر من الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والتلطيفية. قد يكون طالبو اللجوء، واللاجئون الذين يعيشون في مخيمات، والأشخاص الذين يعيشون بلا مأوى أكثر عرضة للخطر بسبب عدم حصولهم على المياه والمرافق الصحية الكافية.
في دور الرعاية وغيرها من الأماكن التي تأوي أعدادا كبيرة من كبار السن، ينبغي أن تُوازن شروط الزيارات بين حماية النزلاء المسنين والأكثر عرضة للخطر من جهة، وحاجتهم إلى العائلة والتواصل من جهة أخرى. أعلنت "وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية" اعتماد سياسة منع الزيارات في دور الرعاية الـ 134 التابعة لها في كافة أنحاء البلاد لمواجهة خطر فيروس كورونا. رغم أن الخطر على كبار السن جسيم، لا تراعي السياسات الشاملة إرشادات الصحة العامة أو احتياجات كبار السن.
كثيرا ما لا يحصل الأشخاص في مراكز الاعتقال أو السجن أو مراكز احتجاز المهاجرين على الرعاية الصحية الملائمة في الظروف العادية، حتى في البلدان المتقدمة اقتصاديا. ساهم تدني الرعاية الصحية في وفاة مهاجرين مؤخرا أثناء احتجازهم لدى "وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية". غالبا ما يكون بين المحتجزين مسنّون وأشخاص لديهم حالات صحية مزمنة، ما يعني أنهم معرضون لخطر أكبر للإصابة بفيروس كورونا.
كثيرون في سجون الولايات المتحدة هم غير مُدانين بجريمة، وإنما محتجزون لعدم قدرتهم على دفع الكفالة المحددة في قضاياهم. يُشكّل الرجال والنساء كبار السن الفئة الأسرع نموا في السجون الأمريكية بسبب العقوبات المطوّلة، ومسؤولو السجون يواجهون في الأصل صعوبات في توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم. استجابة لذلك، عجّلت المحاكم في إحدى مقاطعات ولاية أوهايو بمراجعة حالات المحتجزين، وأطلقت سراح بعضهم ونقلت الآخرين إلى السجون. رفع "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" دعوى قضائية للطعن في الاستمرار في احتجاز المهاجرين في ظل تفشي الفيروس.
أفادت تقارير أن سجناء في إيران ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، منهم محتجزون في سجن إيفين في طهران وفي مدينتَي أرومية ورشت. في رسالة مفتوحة في فبراير/شباط، طلبت أُسَر 25 سجينا محتجزين بسبب نشاطهم السلمي الإفراج عنهم، مؤقتا على الأقل، في ظلّ تفشي الفيروس ونقص الرعاية الطبية في السجون. في مارس/آذار، ذكرت تقارير أن القضاء الإيراني أفرج مؤقتا عن حوالي 85 ألف سجين بمناسبة العام الفارسي الجديد (عيد نوروز)، وهو عدد أكبر بكثير من المعتاد في هذه المناسبة، ويبدو أنه بسبب مخاوف من تفشي فيروس كورونا. غير أن عشرات الحقوقيين وغيرهم من المحتجزين بتهم فضفاضة تتعلق بالأمن القومي ما زالوا في السجن.
في 12 مارس/آذار، أفادت تقارير أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عفا عن 901 محتجزا "لدواع إنسانية وفي ظلّ الظروف الراهنة"، في إشارة إلى تفشي فيروس كورونا. أعلنت وزارة الداخلية أنه سيتم الإفراج عن 585 سجينا آخرين وسينالون عقوبات غير سجنية.
في إيطاليا، احتج السجناء في أكثر من 40 سجنا بسبب مخاوف من العدوى في المنشآت المكتظة، وضد حظر الزيارات العائلية ومنع السراح المشروط خلال تفشي الوباء. استجابة لذلك، أذنت السلطات لأول مرة باستخدام البريد الالكتروني و"سكايب" للتواصل بين السجناء وعائلاتهم، ولأهداف تعليمية، وأعلنت عن خطة لوضع السجناء الذين تقل عقوبتهم عن 18 شهرا رهن الإقامة الجبرية. قدّرت "أنتيغون"، وهي المنظمة الرئيسية التي تُعنى بحقوق السجناء في إيطاليا، عدد المستفيدين من هذا الإجراء بـ 3 آلاف سجين، بينما يضم نظام السجون نحو 14 ألف سجين فوق طاقته. دعت المنظمة إلى اعتماد تدابير أوسع لضمان الإفراج عن عدد أكبر من المحتجزين، لا سيما كبار السنّ والذين لديهم أوضاع صحية تعرضهم للخطر، من بين تدابير أخرى. دعت منظمات من المجتمع المدني أيضا إلى اعتماد بدائل عن السجن لجميع الموجودين حاليا في مراكز احتجاز المهاجرين في إيطاليا بسبب تزايد خطر الإصابة وعدم إمكانية ترحيلهم.
التوصيات:
يتعين على الأجهزة الحكومية التي لها سلطة على الأشخاص الموجودين في السجون ومراكز احتجاز المهاجرين النظر في تقليص عدد النزلاء من خلال الإفراج المشروط المناسب أو المبكّر عن المحتجزين ضمن الفئة الأقل تعرضا لمخاطر الفيروس، بما يشمل مثلا الذين قد يُطلق سراحهم قريبا، والمحبوسين احتياطيا بسبب جرائم غير عنيفة أو أقل خطورة، وأولئك الذين يكون احتجازهم غير ضروري أو غير مبرّر. يتعين أيضا النظر في الإفراج عن المحتجزين الأكثر عرضة لخطر تأثيرات الفيروس، مثل كبار السن والذين لديهم حالات صحية كامنة، مع مراعاة قدرة منشأة الاحتجاز على حماية صحتهم، بما يشمل ضمان حصولهم على العلاج، ومراعاة عوامل مثل خطورة الجريمة المرتكبة وفترة السجن التي قضاها المحتجزون.
إذا كانت عمليات الترحيل الآمنة والقانونية معلقة بسبب تفشي الفيروس، يسقط المبرر القانوني لاحتجاز الأشخاص في انتظار ترحيلهم. في هذه الحالات، يتعين على السلطات الإفراج عن المحتجزين وإيجاد بدائل للاحتجاز.
ينبغي للسلطات التي تدير السجون ومراكز احتجاز المهاجرين أن تكشف للعلن عن خططها لتقليص خطر الإصابة بفيروس كورونا في هذه المنشآت والخطوات التي ستتخذها لاحتواء العدوى وحماية المساجين، وموظفي السجن، والزوار، في حال وجود إصابات بالفيروس أو خطر التعرض للإصابة. الأشخاص الموجودون في أي شكل من أشكال الاحتجاز لهم الحق نفسه في الصحة كغير المحتجزين، ويستحقون معايير الوقاية والعلاج نفسها. المحتجزون، والناس بصفة عامة، لهم مصلحة ملحة في معرفة الخطط التي وضعتها السلطات لمواجهة فيروس كورونا.
يتعين على السلطات اتخاذ خطوات لضمان التنسيق المناسب مع إدارات الصحة العامة، والتواصل بشكل مفتوح مع الموظفين والمحتجزين. يتعين عليها أيضا إجراء فحوصات لكشف الإصابة بفيروس كورونا وفقا لأحدث توصيات السلطات الصحية. عليها توفير التدريبات واللوازم الصحية اللازمة وضمان التعقيم المنتظم لجميع الأماكن التي قد تأوي الفيروس والتي يصلها السجناء وموظفو السجن والزوار، بما يتماشى مع الممارسات الفضلى. عليها وضع خطط لإيواء الأشخاص المعرّضين للفيروس أو المصابين به. عليها ضمان حصول المفرج عنهم أو الموضوعين تحت الرقابة على أماكن إقامة ورعاية صحية مناسبة. أي خطط منع خروج أو عزل يجب أن تكون محدودة النطاق والمدة استنادا إلى أفضل النتائج العلمية المتوفرة، ويجب ألا تكون عقابية، لأن الخوف من هذه الإجراءات قد يؤخّر إعلام الفرق الطبية بأعراض العدوى. ينبغي أن تنظر مراكز الاحتجاز في استراتيجيات بديلة، مثل مقابلات الفيديو لتمكين الأشخاص من الاتصال بعائلاتهم ومحاميهم.
يتعين على الحكومات الراغبة في احتواء تفشي الفيروس تقييم وتعديل التدابير المتبعة لإنفاذ قوانين الهجرة، بما يشمل جلسات الاستماع والحضور لدى السلطات كبدائل عن الاحتجاز، حسبما تقتضيه الضرورة وطيلة فترة الوباء. ينبغي للسلطات تقديم إشعار عام بأنه لن تكون هناك تبعات سلبية للتخلف عن مواعيد المحكمة أو تسجيل الحضور لدى السلطات في فترة الوباء. يتعيّن عليها أيضا الكف عن الاعتقالات التعسفية في حق المهاجرين، والبحث عن بدائل لاحتجاز الأشخاص الموجودين حاليا في مراكز احتجاز المهاجرين، والإفراج عنهم حيثما أمكن، وخاصة الفئات التي تواجه خطرا كبيرا في حال الإصابة، والمحتجزين الذين لن يُرَحّلوا قريبا بطريقة آمنة وقانونية.
في غياب الدعم اللازم من الدولة، يتعين على الأمم المتحدة والوكالات الحكومية الدولية الأخرى الضغط بشكل عاجل من أجل دخول منشآت الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية لتزويد المحتجزين بمساعدة منقذة للحياة.
يتعيّن على الحكومات التي تأوي لاجئين وطالبي لجوء التأكد من أنّ استجابتها للوباء تشمل تدابير وقائية وعلاجية، مع إيلاء اهتمام خاص لإجراءات تخفيف اكتظاظ مراكز ومخيّمات الاحتجاز، وتحسين الصرف الصحي والحصول على الرعاية الصحية، واللجوء إلى الحجر الصحي والعزل المحددين زمنيا فقط عند الضرورة.
ضمان حماية العاملين في قطاع الصحة
كجزء من الحق في الصحة، ينص "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" على واجب الحكومات تهيئة ظروف من شأنها "تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض".
الحكومات مُلزَمة بالتقليل من خطر الحوادث والأمراض المهنية، بما في ذلك ضمان حصول العمال على المعلومات الصحية وما يكفي من الملابس والمعدات الواقية. هذا يعني تزويد عمال قطاع الصحة وغيرهم من المشاركين في التصدي لفيروس كورونا بالتدريب المناسب على مكافحة العدوى والمعدات الواقية المناسبة.
تتطلب مكافحة انتشار فيروس كورونا أن يكون لدى المرافق الصحية ما يكفي من المياه، وخدمات الصرف الصحي، والنظافة، وإدارة النفايات الطبية، والتنظيف. وجد تقرير أساسي لعام 2019 أصدرته منظمة الصحة العالمية و"منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف) أن "حوالي 896 مليون شخص يستخدمون مرافق رعاية صحية تفتقر إلى المياه و1.5 مليار شخص يستخدمون مرافق تفتقر للصرف الصحي".
يُشير بحث أجرته هيومن رايتس ووتش حول العدوى المكتسبة في مستشفيات المجر إلى أن النظام الصحي في البلاد، الذي يعاني من سوء الإدارة، ونقص التمويل، ونقص في الموظفين، غير مجهز للتعامل مع تفشي فيروس كورونا. ذكر المرضى والخبراء الطبيين الافتقار إلى بروتوكول النظافة الأساسي، وغرف العزل، ونقص في الاختصاصيين الصحيين، والأطباء والممرضين، والإمدادات الطبية بشكل عام. قال طبيب إنه كان من شبه المستحيل الحصول على المواد الأساسية كالمطهرات وأقنعة التنفس الضرورية للحماية من الفيروسات.
في فنزويلا، وثقت هيومن رايتس ووتش انهيار النظام الصحي تماما. المستشفيات مغلقة أو تعمل بجزء يسير من طاقتها، والعديد منها لا تحصل على الكهرباء أو الماء بانتظام. عادت أمراض يمكن تجنبها باللقاحات، كالحصبة والدفتيريا، قبل وقت طويل من تفشي كوفيد-19.
قيّدت العقوبات الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران بشكل كبير قدرة البلاد على تمويل الواردات الإنسانية، بما فيها الأدوية. تسبب ذلك بمعاناة شديدة للإيرانيين العاديين. ينبغي للحكومات المعنيّة دعم جهود إيران لمكافحة الفيروس، بما في ذلك بتوفير الأجهزة الطبية ومعدات الفحوصات.
في تايلاند، انخفضت قدرة القطاع الصحي العام بسبب الفساد. يفتقر موظفو القطاع الطبي إلى الأقنعة الجراحية، وتم حرف مسار الإمدادات المحلية وشحنها إلى الصين وغيرها من الأسواق، ويعزى ذلك جزئيا إلى الفساد.
أرسلت وزارة الصحة في مصر في فبراير/شباط أطباء وفرقا طبية إلى منشأة للحجر الصحي دون إبلاغهم أن نقلهم كان جزءا من الاستجابة لفيروس كورونا أو بالمخاطر التي تنطوي عليها. قال الطاقم الطبي إنهم "خُدعوا".
في لبنان، قالت الناطقة باسم مستوردي الأجهزة الطبية لـ هيومن رايتس ووتش إن القفازات، والكمامات، والبدلات الواقية وغيرها من اللوازم الضرورية للتعامل مع تفشي الفيروس نفدت من البلد بسبب الأزمة المالية التي منعتهم من استيراد السلع المطلوبة. أضافت أن مستوردي الأجهزة الطبية استقدموا مواد بقيمة 10 ملايين دولار فقط من أصل ما قيمته 120 مليون دولار من السلع التي سعوا لاستيرادها منذ أكتوبر/تشرين الأول، وجُمِّدت جميع المعاملات تقريبا منذ فبراير/شباط بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد. قال نقيب المستشفيات الخاصة إن الحكومة مدينة للمستشفيات الخاصة بأكثر من 1.3 مليار دولار، ما يضرّ بقدرتها على دفع رواتب الموظفين وشراء المعدات الطبية. لم تتخذ الحكومة اللبنانية رغم ذلك أي تدابير لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تهدد الحصول على الرعاية الطبية، والأدوية، والمعدات الطبية.
توصيات:
ينبغي للحكومات اتخاذ التدابير لتصبح الرعاية الصحية متاحة للجميع، ويمكن الحصول عليها دون تمييز، وبتكلفة معقولة، وتحترم أخلاقيات مهنة الطب، وملائمة ثقافيا، وذات نوعية جيدة.
ينبغي للحكومات ضمان حصول العاملين في قطاع الصحة على معدات الحماية المناسبة وأن توفّر برامج الحماية الاجتماعية لأسر العمال الذين يموتون أو يمرضون نتيجة عملهم، وضمان أن تشمل هذه البرامج العمال غير الرسميين، الذين يُشكّلون نسبة كبيرة من قطاع تقديم الرعاية.
في الأوبئة السابقة، أدى الخوف من التعرض للعدوى إلى الاعتداء على العاملين في قطاع الصحة. ينبغي للحكومات مراقبة مثل هذه الاعتداءات لردعها، وضمان قدرتها على الرد بسرعة، وبالقدر الكافي، وبشكل ملائم إذا وقعت اعتداءات.
إعمال الحق في التعليم - حتى إذا كانت المدارس مغلقة مؤقتا
أغلقت العديد من البلدان المدارس منذ تفشي فيروس كورونا، ما أدى إلى انقطاع تعليم مئات ملايين الطلاب. في أوقات الأزمات، توفّر المدارس للأطفال شعورا بالاستقرار والحياة الطبيعية وتضمن لهم أن يحظوا بممارسات اعتيادية ودعم عاطفي للتعامل مع الوضع المتغيّر. توفر المدارس أيضا مساحات مهمة للأطفال وأسرهم للتعلم عن النظافة الصحية، والتقنيات الصحيحة لغسل اليدين، والتعامل مع الحالات غير الاعتيادية. بدون القدرة على ارتياد المدارس، تقع هذه المسؤولية الأساسية على عاتق الأهالي، والأوصياء، ومقدمي الرعاية. عند إغلاق المدارس، ينبغي للوكالات الحكومية التدخل لتوفير معلومات واضحة ودقيقة عن الصحة العامة عبر وسائط الإعلام المناسبة.
لضمان استجابة الأنظمة التعليمية بشكل مناسب، أوصت "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) الدول بأن "تعمل على إيجاد حلول قائمة على التكنولوجيا المتطورة أو البسيطة أو من دون استخدام التكنولوجيا لضمان انتظام واستمرارية عملية التعلّم". في العديد من البلدان، يستخدم المعلمون أصلا منصات التعلّم عبر الإنترنت لإعطاء الواجبات المنزلية استكمالا لساعات التواصل المعتادة في الصف، ولإعطاء التمارين في الصف، والبحوث. العديد من الطلاب يمكنهم استخدام الأجهزة التكنولوجية في المنزل. مع ذلك، الاتصال بالإنترنت غير متاح بما يكفي لجميع البلدان، أو المجتمعات المحلية، أو العائلات، أو الفئات الاجتماعية، ويعيش العديد من الأطفال في أماكن تحجب الحكومات فيها الإنترنت بشكل متكرر.
توصيات:
ينبغي استخدام التعلم عبر الإنترنت للتخفيف من الأثر المباشر لفقدان التدريس المعتاد. على المدارس التي تعتمد التكنولوجيا التعليمية للتعلم عبر الإنترنت أن تضمن أن الأدوات تحمي حقوق الطفل وخصوصيته. ينبغي للحكومات محاولة تعويض وقت الدراسة الفعلي في المدارس بمجرد إعادة فتح المدارس.
ينبغي للحكومات اتخاذ التدابير للتخفيف من الآثار غير المتناسبة على الأطفال الذين يواجهون أصلا حواجز تعيق حصولهم على التعليم، أو المهمشين لأسباب مختلفة – بمن فيهم الفتيات، وذوو الإعاقة، والمتضررون بسبب أماكن تواجدهم، ووضعهم العائلي، وأوجه اللامساواة الأخرى. ينبغي للحكومات التركيز على تبنّي استراتيجيات تدعم جميع الطلاب أثناء الإغلاق - مثلا، مراقبة الطلاب الأكثر عرضة للخطر وضمان تلقي الطلاب للمواد المطبوعة أو عبر الإنترنت في الوقت المناسب، مع إيلاء اهتمام خاص بالطلاب ذوي الإعاقة الذين قد يحتاجون إلى مواد معدّلة وميّسرة.
ينبغي للحكومات تبنّي استراتيجيات لتخفيف الآثار، مثلا عبر العمل مع المعلمين، ومسؤولي المدارس، واتحادات ونقابات المعلمين للتفكير في خطط لتعويض ساعات التدريس أو التواصل المفقودة، وتعديل الروزنامة المدرسية ومواعيد الامتحانات، وضمان التعويض العادل للمعلمين وموظفي المدارس الذين يعملون ساعات إضافية.
في البلدان التي لديها أعداد كبيرة من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، قد يهدد إغلاق المدارس الجهود الهادفة إلى زيادة معدلات تسجيل الطلاب ومنع تسربهم، خصوصا في المرحلة الثانوية. ينبغي للحكومات وضع تدابير إضافية لمراقبة الامتثال للتعليم الإلزامي - وضمان قيام مسؤولي التعليم الحكوميين بمراقبة العودة إلى المدارس بمجرد إعادة فتحها. على مسؤولي التعليم تركيز الاهتمام على المناطق التي ترتفع فيها نسبة عمالة أو زواج الأطفال، وضمان عودة جميع الأطفال إلى المدارس. كما ينبغي للمسؤولين ضمان أن المدارس التي تضم طلابا لاجئين تعتمد إجراءات توعية لتضمن عودة الأطفال اللاجئين إلى المدرسة، بما فيه عبر العمل مع مجموعات الأهالي وقادة المجتمع المحلي في صفوف اللاجئين.
إغلاق المدارس المفاجئ قد يجعل الأسر منخفضة الدخل تكافح لتغطية نفقاتها وتوفير الضروريات. ينبغي للحكومات أثناء إغلاق المدارس ضمان استمرار تقديم الوجبات للأطفال في الأسر منخفضة الدخل الذين سيفتقدون الوجبات المدعومة.
معالجة الآثار غير المتناسبة على النساء والفتيات
غالبا ما يحمل تفشي الأمراض آثارا مرتبطة بالنوع الاجتماعي. وجدت هيومن رايتس ووتش أن تفشي فيروس إيبولا في 2014، وتفشي فيروس زيكا الذي ينقله البعوض في البرازيل في 2015-2016 كانت لهما آثار ضارة بشكل خاص على النساء والفتيات، وعزّز اللامساواة الجندرية القائمة منذ أمد طويل. تشير التقارير الإخبارية وتحليلات الصحة العامة إلى أن فيروس كورونا يؤثر بشكل غير متناسب على النساء بعدد من الطرق.
رغم عدم اتضاح المخاطر الخاصة بالنساء الحوامل المعرضات لفيروس كورونا حتى الآن، إلا أن التفشي قد يؤثر سلبا على الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية. كل من النظم الصحية المثقلة، وإعادة تخصيص الموارد، ونقص الإمدادات الطبية، وانقطاع سلاسل التوريد العالمية قد يضر بقدرة النساء على الحصول على وسائل منع الحمل والرعاية قبل الولادة، وخلالها، وبعدها. رغم أن خطر العدوى عن طريق الرضاعة الطبيعية غير معروف، أوصى "صندوق الأمم المتحدة للسكان" بعدم فصل الأمهات المرضعات المصابات بالفيروس عن أطفالهن. أثّرت الأوبئة السابقة، مثل تفشي الإيبولا في سيراليون، على توفر الرعاية الروتينية لمرحلة ما قبل الولادة وفي فترة الأمومة، ما يُعرّض النساء أكثر لخطر الوفاة والأمراض النفاسية التي يمكن تجنبها.
في الصين، تشير التقارير الصحفية إلى زيادة في العنف الأسري تحت الحجر الصحي. يمكن أن تزيد الأزمات ومنع الخروج من حالات العنف الأسري لأسباب منها زيادة الضغوط، والأوضاع المعيشية الصعبة وفي أماكن مكتظة، وانهيار آليات الدعم المجتمعي. كثيرا ما تحد الأزمات قدرة النساء على تفادي الانتهاكات، وتضع الضحايا في بيئة تفتقر إلى الخدمات المناسبة، مثل مأوى آمن بعيدا عن المنتهِكين والمحاسبة على الانتهاكات.
تضطلع النساء حول العالم بالرعاية والعمل المنزلي غير مدفوعَيْ الأجر أكثر من الرجال بحوالي مرتين ونصف، ويتحملنّ مسؤوليات رعاية إضافية عند إغلاق المدارس أكثر من الرجال، ما يصعّب عليهن الحفاظ على عمل مأجور. استجابت اليابان لاحتمال التأثير غير المتناسب على الأسر التي لديها أطفال صغار بتعويض التكاليف التي تتكبدها المؤسسات بالنسبة للموظفين الذين يأخذون إجازة مدفوعة لرعاية الأطفال أثناء إغلاق المدارس، لكن المبلغ المُقدم كان منخفضا. كانت إيطاليا تنظر في تدابير للتخفيف من آثار الإغلاق على الأسر التي لديها أطفال. قد تشمل التدابير إجازة والدية طارئة مدفوعة الأجر أو قسائم للأسر التي لديها أطفال حتى سن 12 عاما (أو الأطفال ذوي الإعاقة دون تحديد للسن) والتي تحتاج إلى دفع مقابل خدمة رعاية الأطفال وسط الإغلاق المطول للمدارس.
95٪ من النساء العاملات في بعض المناطق يعملن في القطاع غير الرسمي حيث ينعدم الأمن الوظيفي، ولا يجدن شبكات أمان إذا دمرت أزمة مثل فيروس كورونا مدخولهن. يشمل العمل غير الرسمي العديد من المهن التي من المرجح أن تتضرر بسبب الحجر الصحي، والتباعد الاجتماعي، والتباطؤ الاقتصادي، مثل الباعة المتجولين، وتجار السلع، والعمال الموسميين. للنساء تمثيل كبير أيضا في قطاع الخدمات الذي كان من بين القطاعات الأكثر تضررا بسبب الاستجابة لفيروس كورونا.
تشكّل النساء 70٪ من مقدمي الخدمات الصحية والاجتماعية حول العالم - ما يعني أن النساء متواجدات على الخطوط الأمامية لاحتواء انتشار فيروس كورونا وقد يتعرضن بشدة للفيروس بسبب عملهن في القطاع الصحي. قد يؤدي الخوف في المجتمعات من تعرض العاملين في قطاع الصحة للإصابة إلى نبذ النساء العاملات في هذا القطاع أو تعرضهن للوصم، ما يضيف عبئا إضافيا على التحدي المتمثل في محاولة حماية صحتهن وصحة أسرهن. قد يتجلى ذلك، مثلا، لدى محاولة تأمين رعاية الأطفال أثناء عملهن في الخطوط الأمامية.
بعض العاملات في مجال الرعاية هن عاملات منازل مهاجرات. قد يكنّ عرضة لظروف العمل المسيئة في الأوقات العادية، وهن معرضات لزيادة خطر الانتهاك، وفقدان العمل، وتواجدهن في الخطوط الأمامية لتقديم الرعاية بدون حماية كافية، وعجزهن عن العودة إلى بلادهن أثناء الأزمات. قد يواجهن أيضا معوقات في طريق حماية صحتهن.
التوجه نحو العمل والدراسة من المنزل كوسيلة للتباعد الاجتماعي قد يضر بالنساء والفتيات بشكل غير متناسب. احتمال قدرة النساء على الاتصال بالإنترنت أقل بحوالي 31٪ من قدرة الرجال في بعض البلدان، ويقل عدد النساء حول العالم بحوالي 327 مليون عن الرجال من حيث امتلاك هاتف ذكي. حتى عند تمكن النساء من الاتصال بالإنترنت، قد تحد الفوارق الجندرية قدرتهن على استخدامه لأسباب منها التكلفة، والتنشئة الاجتماعية، والضغوط الأسرية. عندما يحتاج العديد من أفراد الأسرة إلى استخدام موارد حاسوبية محدودة داخل المنزل، فقد يعني انعدام المساواة الجندرية حرمان النساء والفتيات بشكل أكبر من الإنترنت.
توصيات:
ينبغي للسلطات اتخاذ خطوات للتخفيف من الآثار المرتبطة بالنوع الاجتماعي وضمان ألا تؤدي الاستجابات إلى ترسيخ انعدام المساواة الجندرية.
عند نقل التعليم إلى الإنترنت، ينبغي للحكومات ومقدمي التعليم مراقبة مشاركة الطلاب واستمراريتهم في الدروس عبر الإنترنت من أجل رصد الأثر المرتبط بالنوع الاجتماعي والاستجابة بسرعة من خلال استراتيجيات لضمان استمرار النساء والفتيات في متابعة التعلّم وإعادتهن إذا انخفضت مشاركتهن. على هذه الجهات أيضا معالجة تعرّض النساء بشكل خاص لخطر فقدان وظائفهن أثناء إغلاق المدارس إذا قمن بنشاطات رعاية إضافية.
ينبغي أن تضمن التدابير المصممة لمساعدة العمال المتضررين من الوباء مساعدة العاملين في القطاع غير الرسمي وقطاع الخدمات، ومعظمهم نساء.
ينبغي للحكومات ضمان أن تتناول حملات التوعية العامة كيف يمكن لضحايا العنف الأسري الحصول على الخدمات، وعليها التأكد من إتاحة الخدمات لجميع ضحايا العنف الأسري، بمن فيهن من يعشن في مناطق تخضع لقيود على الحركة أو تحت الحجر الصحي والمصابات بفيروس كورونا.
ينبغي للحكومات دعم العاملين في الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، مع الاعتراف بأن أغلب هؤلاء العاملين هم نساء. ينبغي أن يشمل الدعم النظر في احتياجاتهن كمقدمات رعاية ضمن أسرهن وتأثير الوصمة عليهن وعلى أسرهن.
ينبغي أن تتبنى البلدان الأصلية لعاملات المنازل المهاجرات والبلدان التي يعملن فيها تدابير خاصة لتحديد ومساعدة أولئك العاملات لمنع ظروف العمل المسيئة، وتقديم المساعدة المتعلقة بالتعامل مع فيروس كورونا.
ينبغي للحكومات والهيئات الدولية مراقبة تأثير فيروس كورونا على النساء الحوامل والعمل على التخفيف من تأثير الوباء على حق النساء والفتيات في الحصول على خدمات الصحة الجنسية وتلك الإنجابية.
أوقفوا التمييز والوصم، احموا خصوصية المرضى
خلال أزمات الصحة العامة السابقة، غالبا ما واجه الأشخاص المصابون بالعدوى أو المرض وأسرهم التمييز والوصم. مثلا، وجدت هيومن رايتس ووتش أن الأشخاص حاملي "فيروس نقص المناعة البشرية"، المسبب لمرض "الإيدز" في كينيا، وجنوب أفريقيا، والفلبين، والولايات المتحدة واجهوا التمييز والوصم بسبب إصابتهم بالفيروس ومُنعوا من الحصول على الرعاية الصحية، والحصول على وظائف، والالتحاق بالمدارس. أظهر بحث في الصحة العامة أن الناجين من فيروس إيبولا في غرب أفريقيا واجهوا وصمة مؤذية أدت في بعض الحالات إلى الطرد من المسكن، وفقدان العمل، والنبذ، والعنف، وغيرها من العواقب.
منذ تفشي فيروس كورونا، وثقت تقارير إخبارية من عدة بلدان التحيّز، والعنصرية، وكراهية الأجانب، والتمييز ضد الأشخاص ذوي الأصول الآسيوية. تشمل الحوادث الاعتداءات الجسدية، والضرب، والتنمّر العنيف في المدارس، والتهديدات الغاضبة، والتمييز في المدارس أو في أماكن العمل، واستخدام لغة ازدرائية في التقارير الإخبارية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، من بين أمور أخرى. منذ يناير/كانون الثاني، أوردت وسائل الإعلام حوادث مقلقة حول جرائم كراهية في بريطانيا، والولايات المتحدة، وإسبانيا، وإيطاليا، من بين دول أخرى، تستهدف الأشخاص ذوي الأصول الآسيوية، ترتبط على ما يبدو بفيروس كورونا. أجّج كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، المشاعر المعادية للصين بالإشارة إلى فيروس كورونا بـ "الفيروس الصيني"، وفي حادثة أخرى أبلغ عنها مراسل في البيت الأبيض، وصف مسؤول في البيت الأبيض الفيرس بـ "كونغ فلو"، جامع كلمة إنفلونزا بالإنغليزية مع هونغ كونغ. استغل القادة المُعادون للمهاجرين مثل فيكتور أوربان في المجر وماتيو سالفيني في إيطاليا هذا الوباء لتأجيج مشاعر كراهية الأجانب.
تعتقد سلطات كوريا الجنوبية أن 63٪ من حاملي الإصابات المؤكدة في البلاد، والذين تجاوز عددهم في ذلك الوقت 7,300 حالة، حضروا قداديس أقامتها "كنيسة شينشيونجي اليسوعية" في مدينة دايغو أو كانوا على اتصال بالحضور. في بيان، أبلغت الكنيسة عن "4 آلاف حالة إجحاف" بحق رعايا الكنيسة منذ تفشي المرض، بما في ذلك "الفصل من العمل، والتنمّر في أماكن العمل، والاضطهاد الأسري، والوصم، والتشهير"، وقال إن الكنيسة تتعرض للّوم بصفتها "المذنب الرئيسي لتفشي فيروس كورونا".
كشفت تقارير أصدرتها "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) في كوريا الجنوبية أن تحذيرات الصحة العامة حول الفيروس ربما لم توفّر حماية كافية لخصوصية المصابين بالفيروس.
توصيات:
ينبغي للحكومات اتخاذ إجراءات سريعة للحماية من الاعتداءات التي قد تستهدف الأفراد والمجتمعات باعتبارهم مسؤولين عن تفشي فيروس كورونا، والتحقيق في جميع الحوادث المُبلغ عنها، ومحاسبة المرتكبين.
ينبغي للحكومات ضمان ألا تستهدف تدابير الاستجابة للوباء أو تُميّز ضد مجموعات دينية أو عرقية معيّنة، وأن تكون الاستجابات شاملة وتحترم حقوق الفئات المهمشة، بمن فيهم ذوو الإعاقة وكبار السن. ينبغي أن تضمن الحكومات المساواة في الحصول على خدمات الطوارئ لذوي الإعاقة وكبار السن.
ينبغي للحكومات العمل لمكافحة الوصم والتمييز من خلال تدريب العاملين في القطاع الصحي حول فيروس كورونا، باستخدام وسائل الإعلام وشبكات المدارس لتوسيع الوعي العام بحقوق الإنسان، والإقرار بأن الفيروس لا يعرف حدودا ولا يعترف بأي تمييز على أساس العرق، أو الإثنية، أو الدين، أو الجنسية.
ينبغي للحكومات ضمان حماية خصوصية المرضى حتى عندما تتخذ السلطات خطوات لتحديد أولئك الذين ربما تعرضوا للفيروس.
ضمان حصول السكان المهمشين على الرعاية الصحية دون تمييز
قالت مفوضّة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، وهي طبيبة أطفال: "مكافحة تفشّي الفيروس بفعالية تعني أن نضمن حصول الجميع على العلاج وعدم حرمانهم من الرعاية الصحية لمجرّد أنّهم لا يستطيعون دفع ثمنها أو بسبب الوصمة".
في الكثير من البلدان، يواجه المثليون/ات، ومزدوجو/ات التوجه الجنسي، ومتغيّرو/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) تمييزا في الحصول على الرعاية الصحية. وثّقت هيومن رايتس ووتش التمييز في الرعاية الصحية على أساس التوجّه الجنسي والهوية الجندرية في دول منها الولايات المتحدة، وتنزانيا، واليابان، وإندونيسيا، وبنغلاديش، وروسيا، ولبنان. نظرا لأن بعض أفراد مجتمع الميم، بمن فيهم الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال ومتغيّرو/ات النوع الاجتماعي، مُعرّضون تحديدا لخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أو نقله وقد يكونون أقل قدرة على الحصول على الفحص والعلاج مقارنة بغيرهم، وقد تكون مناعتهم ضعيفة وبالتالي مُعرّضون تحديدا لخطر الإصابة بمرض خطير أو الوفاة نتيجة فيروس كورونا.
توصيات:
ينبغي للحكومات ضمان توفير جميع الخدمات الصحية المتعلقة بفيروس كورونا دون وصمة وتمييز من أي نوع، بما في ذلك التمييز على أساس التوجّه الجنسي والهوية الجندرية، وينبغي أن توضح من خلال حملات الرسائل النصية العامة أن لكل شخص الحق في الحصول على الرعاية الصحية.
ينبغي للحكومات اتخاذ خطوات للتوسط بين مقدمي الرعاية الصحية والمهاجرين غير المُسجَّلين، لطمأنة الفئات المستضعَفة بأنها لن تتعرض للانتقام أو الترحيل إذا سعت للحصول على الرعاية المنقذة للحياة، خاصة في سياق السعي إلى الحصول على فحص أو علاج لفيروس كورونا.
ينبغي للحكومات أيضا ضمان ألا تمنع الحواجز المالية الناس من الحصول على الفحوصات، والرعاية الوقائية، وعلاج كوفيد-19. في الولايات المتحدة، يفتقر 28 مليون شخص للتأمين الصحي ويواجه حوالي ثلث السكان صعوبة في دفع تكاليف العلاج على الرغم من أنهم مُؤَمّنون. أفاد العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عن تجنب الرعاية الطبية أو شراء الأدوية بوصفة طبية بسبب التكلفة، ما أدى إلى تفاقم حالتهم. في حال تفشي الوباء، لا يؤدي تجنب الرعاية الطبية إلى الإضرار بالمُصابين بفيروس كورونا فحسب، بل قد يؤدي أيضا إلى زيادة انتشار الفيروس.
جميع الحكومات ملزمة بضمان ألا تتحول الأزمة الصحية الفائقة إلى أزمة حقوقية بسبب عجز الناس عن الحصول إلى الرعاية الطبية الملائمة. على الحكومات اتخاذ خطوات لضمان حصول الجميع على رعاية طبية وخيارات علاجية ميسورة التكلفة ويسهل الحصول عليها.
حماية منظمات المجتمع المحلي والمجتمع المدني
في العديد من البلدان، تؤدي منظمات المجتمع المدني عملا أساسيا في دعم جهود وقف انتشار الفيروس وضمان حصول الأشخاص المصابين بفيروس كورونا - أو أولئك الذين يعيشون في العزل أو في الحجر الصحي - على الحماية، والرعاية، والخدمات الاجتماعية اللازمة. ينبغي للحكومات حماية ودعم منظمات المجتمع المدني لأداء هذا العمل، وكذلك المنظمات التي ترصد آثار تفشي المرض.
خلال تفشي إيبولا في 2014 في غرب أفريقيا، لعبت المجموعات غير الحكومية، والصحف المحلية، والإذاعات المحلية دورا رئيسيا في التثقيف الصحي.
في هونغ كونغ، نظّم الناس العاديون أنفسهم لصنع وتوزيع الكمامات والمُطهرات على الأشخاص الأكثر عرضة للخطر لسد الثغرات الناتجة عن السياسات الحكومية. لكن الحكومة الصينية تواصل منذ فترة طويلة إحكام قبضتها على المنظمات غير الحكومية، وبعض الجماعات تعاني من نقص التمويل أثناء تفشي المرض.
في إيطاليا، أخضعت السلطات منظمات الإنقاذ البحرية غير الحكومية التي تساعد المهاجرين وطالبي اللجوء للحجر الصحي في الموانئ، رغم أن نتائج فحوصات الفيروس لدى أفراد الطاقم والركاب كانت سلبية. في سياق استمرار تعطيل بعثات الإنقاذ المدنية وحظرها وحتى تجريمها، قد يُستخدم الحجر الصحي غير الضروري لردع عمليات الإنقاذ البحري.
ينبغي للحكومات ألا تستغل هذا الوباء لتجريم عمل منظمات المجتمع المدني أو عرقلته.
تعزيز الحق في المياه والصرف الصحي
الحق في الماء والصرف الصحي جزء من الحق في مستوى معيشي كاف. "لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" جددت التأكيد على أن الحق في المياه والحق في الصرف الصحي عنصران أساسيان في الحق في مستوى معيشي كاف، و"يرتبطان ارتباطا وثيقا، من بين حقوق العهد الأخرى، بالحق في الصحة".
يفتقر مليارات الناس حول العالم لمياه الشرب الآمنة. مع ذلك، وكما أشارت منظمة الصحة العالمية، من الضروري توفير المياه الآمنة، والصرف الصحي، وظروف النظافة لحماية صحة الإنسان أثناء تفشي فيروس كورونا. يمكن تعزيز منع انتقال فيروس كورونا من شخص لآخر من خلال تعزيز الحق في الماء والصرف الصحي، ودعم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والفنيين الذين يقدمون هذه الخدمات لضمان جودة واستمرارية توفير المياه، والصرف الصحي، والنظافة؛ وإدارة النفايات في المجتمعات المحلية، والمنازل، والمدارس، والأسواق، والمراكز الصحية. ثمة حاجة إلى المزيد من البحث لفهم مخاطر تلوث مياه الشرب، والعدوى عن طريق البيئة، وكيفية ضمان تدريب ودعم مشغلي مياه الصرف الصحي طوال الأزمة.
غياب المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي في المنزل، أو المدرسة، أو المراكز الطبية من شأنه أن يصعب تنفيذ التدابير الوقائية. في بعض الحالات، قد تكون هذه المرافق نفسها مكانا لانتشار المرض عند غياب المياه والصرف الصحي الملائمين.
البنية التحتية للرعاية الصحية في فنزويلا ضعيفة جدا لدرجة أن التوصية الأساسية - غسل اليدين - تكون صعبة حتى بالنسبة لمقدمي الرعاية الصحية، الذين يعملون في ظروف صعبة. قال الأطباء والممرضون الفنزويليون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش خلال الأشهر القليلة الماضية إن الصابون والمعقمات كانت شبه معدومة في العيادات والمستشفيات. مع ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الرواتب، أصبح من المستحيل عليهم إحضار لوازمهم الخاصة. تعاني أيضا المستشفيات العامة في العاصمة كاراكاس من نقص منتظم في المياه. استمر النقص في المستشفيات النائية لأسابيع وشهور. طُلب من المرضى والعاملين أن يُحضِروا معهم المياه التي يحتاجونها للشرب وأحيانا لتنظيف المراحيض.
ينبغي للحكومات أن توقف فورا أي قطع للمياه بسبب عدم الدفع. وقف خدمات المياه بسبب عدم الدفع في أي سياق لا يتوافق مع حقوق الإنسان وقد يكون ضارا بشكل خاص في سياق أزمات الصحة العامة مثل وباء كوفيد-19.
ضمان استمرار المساعدات الإنسانية
وفقا للأمم المتحدة، البعض من البلدان العديدة المتضررة من فيروس كورونا تواجه أصلا أزمات بسبب النزاعات، أو الكوارث الطبيعية، أو تغيّر المناخ. يعتمد العديد من الناس في تلك البلدان المنكوبة بالأزمات على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء.
ينبغي للحكومات ضمان عدم تأثر الدعم المقدم للعمليات الإنسانية الحيوية التي تقوم بها الأمم المتحدة ووكالات المعونة الأخرى نتيجة فيروس كورونا.
توجيه الإغاثة الاقتصادية لمساعدة العمال المحدودي الدخل
ينبغي للحكومات اتخاذ تدابير سياسية لتخفيف الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا، والتي ستؤثر أولا وبشدة أكبر على العمال ذوي الأجور المتدنية. قد يكون للتباعد الاجتماعي، والحجر الصحي، وإغلاق المؤسسات عواقب اقتصادية هائلة. أكثر الناس عُرضة هم العمال ذوو الأجور المنخفضة في الأسر المحدودة الدخل. ينبغي للحكومات إنشاء آليات لتفادي تعرّض العمال المتأثرين بفيروس كورونا لفقدان الدخل الذي قد يمنعهم من العزل الذاتي لاحتواء انتشار الفيروس.
يوصي خبراء الصحة العامة بأن تشجع الشركات الموظفين على العمل من المنزل لمنع انتشار الفيروس. لكن العمل عن بعد ليس متاحا لملايين العمال في مجالات مثل البيع بالتجزئة، والمطاعم، والخدمات الشخصية، وسوق المهن الحرة أو المؤقتة، والقطاعات غير الرسمية. في هذه المجالات، تكون أوضاع العمالة أقل استقرارا، وتميل الأجور إلى الانخفاض، ويحصل العمال في بعض البلدان على أيام قليلة للإجازة المرضية المدفوعة. في دول مثل الولايات المتحدة تحديدا، حيث قد تقترن الأجور المنخفضة بالافتقار للإجازات المرضية المدفوعة وتغطية الرعاية الصحية، سيحتاج هؤلاء العمال إلى المساعدة.
لطالما حثت هيومن رايتس ووتش الحكومات على ضمان إجازات مرضية وعائلية مدفوعة الأجر لتمكين العمال من أخذ إجازة لرعاية الأطفال حديثي الولادة أو أفراد الأسرة المرضى أو كبار السن، أو حتى لرعاية أنفسهم عندما تكون لديهم حالات صحية خطيرة، دون فقدان رواتبهم. في سياق فيروس كورونا وغيرها من حالات تفشي الأمراض، تساعد الإجازات المرضية العائلية المدفوعة على ضمان بقاء العمال المرضى - أو من لديهم أفراد أسرة مرضى - في منازلهم لتقليل انتشار الفيروس.
تضمن العديد من الحكومات بعض الإجازات المرضية المدفوعة لجميع العمال. أما الدول الأخرى - ولا سيما الولايات المتحدة من بين الاقتصادات المتقدمة النمو - فلا تفعل ذلك. أصحاب الأجور المتدنية، وعمال الخدمات، والعمال غير الرسميين، وعمال المهن المستقلة والمؤقتة هم من الأقل احتمالا في الحصول على إجازات مرضية. الافتقار إلى الإجازات المرضية والعائلية المدفوعة يجعل تفشي الأمراض مثل كوفيد-19 عبئا على العمال الفقراء والمهمشين ينبغي تفاديه، ويُفاقِم التفاوت الاقتصادي، ويساهم أيضا في اللامساواة الجندرية. لدعم العائلات أثناء تفشي المرض، ينبغي أن تغطي الإجازات المرضية والعائلية العزل الذاتي ومسؤوليات تقديم الرعاية أثناء إغلاق المدارس ومرافق الرعاية.
تعطلت سلاسل التوريد العالمية بالفعل بسبب فيروس كورونا، ما أدى إلى انخفاض التصنيع وإغلاق المصانع. هناك خطر بأن يُضطر عمال الوظائف المرتبطة بالاقتصاد العالمي إلى العمل بدوام جزئي مقابل دخل أقل أو فقدان وظائفهم تماما.
أحد الخيارات هو الدفعات النقدية المباشرة لتعويض بعض ساعات العمل الضائعة، كما فعلت حكومة الولايات المتحدة خلال ركود العام 2008. يحتاج العمال ذوو الأجر المنخفض إلى الحماية من عواقب فصلهم على يد أصحاب العمل عندما يمنعهم مرضهم أو مرض أفراد الأسرة عن العمل. دون المساعدة، قد يواجه هؤلاء العمال صعوبات اقتصادية شديدة، ويتخلفون عن سداد أقساط ديونهم، ويطردون من مساكنهم. كما قد تساعد المنح النقدية الصغيرة لمرة واحدة، المقدمة إلى الأسر التي يتلقى أطفالها وجبات مدرسية مجانية أو التي تتلقى مساعدة أسرية من الضمان الاجتماعي، في تخفيف الآثار على الأسر التي تعاني بالفعل. قد تكون هذه العائلات تواجه الآن، بالإضافة إلى فقدان الدخل، أعباء إضافية بسبب إغلاق المدرسة، على سبيل المثال. تدرس الدول الأوروبية، بما فيها إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، أو تبنّت بالفعل، تدابير مالية خاصة لدعم العمال، والأسر محدودة الدخل، والمؤسسات الصغيرة.
تخفيضات الضرائب غير المشروطة لأصحاب العمل وعلى رواتب الموظفين غالبا ما تكون محددة بشكل سيئ وقد لا تشمل من هم بأمسّ الحاجة إليها. مثلا، قد تسمح برامج التأمين الاجتماعي الموسّعة، مثل البطالة، للعمال بالبقاء على كشوف المرتبات والحصول على أجر عندما لا يستطيعون العمل بسبب الكساد الناتج عن فيروس كورونا.
ما الذي تفعله هيومن رايتس ووتش؟
تابعوا تغطيتنا لآثار فيروس كورونا على:
https://www.hrw.org/ar/tag/coronavirus